للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣١٩- خطبة له أيضًا في استنفارهم لقتال معاوية:

"عباد الله: ما لكم إذا أمرتكم أن تنفروا في سبيل الله اثاقلتم١ إلى الأرض! أرضيتم بالحياة الدينا من الآخرة بدلًا، وبالذل والهوان من العز خلفًا؟ أوكلما ندبتكم إلى الجهاد دارت أعينكم؛ كأنكم من الموت في سكرة، وكأن قلوبكم مألوسة٢ فأنتم لا تعقلون، وكأن أبصاركم كمه٣ فأنتم لا تبصرون، لله أنتم! ما أنتم إلا أسود الشرى٤ في الدعة٥، وثعالب رواغة حين تدعون إلى البأس! ما أنتم لي بثقة سجيس الليالي٦، ما أنتم بركب يصال بكم، ولا ذي عز يعتصم إليه، لعمر الله لبئس حشاش٧ الحرب أنتم، إنكم تكادون ولا تكيدون، وتنتقص أطرافكم ولا تتحاشون٨، ولا ينام عنكم وأنتم في غفلة ساهون، إن أخا الحرب اليقظان ذو العقل، وبات لذل من وادع، وغلب المتخاذلون، والمغلوب مقهور ومسلوب، ثم قال:


١ تثاقلتم.
٢ من الألس: كشمس، وهو الجنون واختلاط العقل، ألس "كعني" فهو مألوس.
٣ كمه: جمع أكمه من كمه بصره "كفرح" اعترته ظلمة تطمس عليه.
٤ الشرى: موضع تنسب إليه الأسد، قيل هو شرى الفرات وناحيته وبه غياض وآجام ومأسدة.
٥ أي في وقت الدعة والخفض.
٦ يقال: لا آتيك سجيس الليالي: أي أبدًا.
٧ جمع حاش اسم فاعل، من حش النار: أي أوقدها.
٨ أي ولا تبتعدون عن ذلك وتتلافونه بالدفاع عنها، من حاشية الشيء وهي ناحيته كما تقول تنحى عنه: أي تباعد عنه من الناحية.

<<  <  ج: ص:  >  >>