للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٦٩- خطبة النعمان بن بشير بالكوفة "قتل سنة ٦٤هـ": ١

خطب النعمان بن بشير على منبر الكوفة، فقال: "يا أهل الكوفة: إني والله ما وجدت مثلي ومثلكم إلا الضبع والثعلب، أتيا الضب في جحره؛ فقالا: أبا الحسل٢. قال: أجبتكما. قالا: جئناك نختصم. قال: في بيته يؤتى الحكم. قالت الضبع: فتحت عيني. قال: فعل النساء فعلت. قالت: فلقطت تمرة. قال: حلوًا اجتنيت قالت: فاختطفها ثمالة٣. قال: لنفسه بغى الخير.

قالت: فلطمته لطمة قال: حقًّا قضيت. قالت؛ فلطمني أخرى. قال: كان حرًّا فانتصر. قالت: فاقضِ الآن بيننا. قال: حَدِّثْ حديثين امرأة، فإن لم تفهم فأربعة٤".

"العقد الفريد ١: ٢٦٩-٢: ١٥٨، ومجمع الأمثال للميداني ٢: ١٣"


١ ولي الكوفة وحمص لمعاوية ويزيد، وكان هواه معها، وميله إليهما؛ فلما مات معاوية بن يزيد دعا الناس إلى بيعة عبد الله بن الزبير بالشام، وكان أول من خالف من أمراء الأجناد -وكان واليًا على حمص- وانضم إلى الضحاك بن قيس الفهري، أمده بجيش من أهل حمص عليه شرحبيل بن ذي الكلاع ونشبت الحرب بين الضحاك وبين مروان بن الحكم في مرج راهط، ودارت الدائرة على جيش الضحاك وقتل كما قدمنا؛ فلما بلغ الخبر النعمان بن بشير خرج عن حمص هاربًا ليلًا ومعه امرأته وولده وثقله، فسار ليلته جمعاء متحيرًا لا يدري أين يأخذ، فاتبعه خالد بن عدي الكلاعي فيمن خف معه من أهل حمص، فلحقه وقتله وبعث برأسه إلى مروان، وكان قتله في ذي الحجة سنة ٦٤هـ.
٢ أبو حسل وأبو حسيل: كنية الضب، وفي مجمع الأمثال أن المتخاصمين: الأرنب والثعلب.
٣ ثعالة: اسم الثعلب الذكر والأنثى.
٤ وقد ذهبت أقوال الضب كلها أمثالًا. قال الميداني في شرح المثل الأخير "١: ١٣٠": "أي زده وأراد بالحديثين حديثًا واحدًا تكرره مرتين؛ فكأنك حدثتها بحديثين. والمعنى كرر لها الحديث لأنها أضعف فهما، فإن لم تفهم فاجعلهما أربعة، وقال أبو سعيد: فإن لم تفهم بعد الأربعة فالمربعة "والمربعة كمكنسة: العصا" ويروى، فأربع "أمر من ربع كمنع" أي كُفّ، تضرب في سوء السمع والإجابة".

<<  <  ج: ص:  >  >>