للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٣١- صعصعة بن صوحان ومعاوية:

ودخل صعصعة بن صوحان على معاوية، فقال:

"يابن صوحان، أنت ذو معرفة بالعرب وبحالها، فأخبرني عن أهل البصرة، وإياك والحمل على قوم لقوم" قال: "البصرة واسطة١ العرب، ومنتهى الشرف والسؤدد، وهم أهل الخطط٢ في أول الدهر وآخره، وقد دارت بهم سروات٣ العرب كدوران الرحى على قطبها"، قال: فأخبرني عن أهل الكوفة، قال: "قبة الإسلام، وذروة الكلام، ومصان ذوي الأعلام -إلا أن بها أجلافًا٤ تمنع ذوي الأمر الطاعة، وتخرجهم عن الجماعة- وتلك أخلاق ذوي الهيئة والقناعة". قال: فأخبرني عن أهل الحجاز، قال: "أسرع الناس إلى فتنة، وأضعفهم عنها، وأقلهم غناء٥ فيها، غير أن لهم ثباتًا في الدين، وتمسكًا بعروة اليقين، يتبعون الأئمة الأبرار، ويخلعون الفسقة الفجار" فقال معاوية: من البررة والفسقة؟ فقال: "يابن أبي سفيان، ترك الخداع، من كشف القناع، علي وأصحابه من الأئمة الأبرار، وأنت وأصحابك من أولئك" ثم أحب معاوية أن يمضي صعصعة في كلامه، بعد أن بان فيه الغضب، فقال: أخبرني عن القبة الحمراء في ديار مضر٦، قال:


١هو على التشبيه بواسطة العقد: وهي الجوهرة الفاخرة التي تجعل وسطه.
٢ الخطط جمع خطة بالكسر: وهي الأرض تنزل من غير أن ينزلها نازل قبل ذلك، ومنه خطط الكوفة والبصرة. وقد خطها لنفسه واختطها: وهو أن يعلم عليها علامة بالخط ليعلم أنه قد احتازها.
٣ السرو بالفتح: المروءة في شرف، سرو فهو سري وجمعه أسرياء وسرواء كفضلاء والسراة بالفتح اسم جمع وجمعه سروات.
٤ جمع جلف بالكسر: وهو الرجل الجافي.
٥ غناء: كفاية.
٦ ذكروا أن نزار ابن معد لما حضرته الوفاة جمع بنيه: مضر وإيادًا، وربية، وأنمارًا، فقال: يا بني، هذه القبة الحمرا

<<  <  ج: ص:  >  >>