للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٥- وصف الهلباجة:

من أمثال العرب: "أعجز من هِلْباجَة" وهو النَّئُوم الكسلان العُطُل١ الجافي، وقد سار في وصف الهِلْبَاجَة فصل لبعض الأعراب المتفصِّحين، وفصل آخر لبعض الحَضَريين، فأما وصف الأعرابي، فقد سئل ابن أبي كَبْشَة بن القَبَعْثَرَى عنه فقال: "الهِلْباجة: الضعيف العاجز، والأخْرق الأحمق، والجِلْف٢ الكسلان، الساقط لا معنى فيه، ولا غناء٣ عنده ولا كفاية معه، ولا عمل لديه".

وأما وصف الحضري فإن بعض بلغاء الأمصار سئل عن الهِلْبَاجَة فقال:

"هو الذي لا يرعوي لِعَذْل العاذل، ولا يصغِي إلى وعظ الواعظ، ينظر بعين حسود، ويعرض إعراض حقود، إن سأل أَلْحَفَ٤، وإن سُئِل سوَّف، وإن حدَّث حَلَف، وإن وَعَدَ أخلف، وإن زَجَرَ عنَّف، وإن قَدِرَ عَسَف٥، وإن احتمل أسف٦، وإن استغنى بَطِر، وإن افتقر قَنِط، وإن فَرِح أَشِر٧، وإن حَزِن يئس، وإن ضحك زَأَر، وإن بكى جَأَر٨، وإن حكم جار، وإن قَدَّمته تأخر، وإن أَخَّرته تقدَّم، وإن أعطاك مَنَّ عليك، وإن أعطيته لم يشكرك، وإن أسررت إليه خانك، وإن أسر إليك اتهمك، وإن صار فوقك قهرك، وإن صار دونك حسدك، وإن وَثِقت به خانك، وإن انبسطت إليه شانك، وإن أكرمته أهانك، وإن غاب عنه الصديق سَلَاه، وإن حضره قَلَاه٩، وإن فاتَحَه لم يُجِبه، وإن أمسك عنه لم يَبْدَأه، وإن بدأ بالودّ هَجَر، وإن بدأ بالبِرِّ جفا، وإن تكلم فَضَحه العِيُّ، وإن عمِل قَصَّر به


١ عطل كفرج: عظم بدنه، ومن المال والأدب: خلا فهو عطل كقفل وعتق.
٢ الجافي.
٣ لا غناء: لا كفاية.
٤ ألح.
٥ ظلم.
٦ من أسف الطائر: دنا من الأرض في طيرانه، أي لم يستطع النهوض بما حمل.
٧ أشر: مرح.
٨ صاح واستغاث.
٩ أبغضه وكرهه غاية الكراهة.

<<  <  ج: ص:  >  >>