للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٧٩- مصقلة بن هبيرة ومعاوية:

مرض معاوية مرضًا شديدًا، فأرجف به مصقلة بن هبيرة، وساعده قوم على ذلك ثم تماثل١، وهم في إرجافهم، فحمل زياد مصقلة إلى معاوية، وكتب إليه أنه يجمع مُرّاقًا من مراق العراق، فيرجفون بأمير المؤمنين، وقد حملته إليه ليرى رأيه فيهن فقدم مصقلة، وجلس معاوية للناس؛ فلما دخل عليه قال: ادن مني، فدنا منه، فأخذ بيده فجذبه فسقط مصقلة، فقال معاوية:

أَبْقَى الحوادثُ من خَليـ ... لِكَ مثلَ جَنْدَلَةِ المَراجِمْ٢

صُلْبًا إذا خَارَ الرّجا ... لُ أَبَلّ مُمْتَنِعَ الشّكائِمْ

قد رَامَني الأعداءُ قَبْـ ... لكَ فامتنعتُ عَنِ المظالمْ٣

فقال مصقلة: "يا أمير المؤمنين، قد أبقى الله منك ما هو أعظم من ذلك بطشًا وحلمًا راجحًا، وكلأ ومرعًى لأوليائك، وسُمًّا ناقعًا لأعدائك، كانت الجاهلية فكان أبوه سيد المشركين، وأصبح الناس مسلمين وأنت أمير المؤمنين" وقام، فوصله معاوية، وأذن له في الانصراف إلى الكوفة، فقيل له: كيف تركت معاوية؟ فقال: زعمتم أنه كبر وضعف، والله لقد غمزني غمزة كاد يحطمني، وجذبني جذبة كاد يكسر عضوًا مني.

"زهر الآداب ١: ٥٧ والآمالي ٢: ٣١٥"


١ تماثل العليل: قارب البرء.
٢ الجندل: الحجارة، والواحدة جندلة.
٣ الأبلّ: الممتنع، والألد: الجدل، والشكائم جمع شكيمة: وهي من اللجام الحديدة المعترضة في فم الفرس، وفلان شديد الشكيمة: أنفٌ أبيٌّ لا ينقاد.

<<  <  ج: ص:  >  >>