للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٣٣- خطبة عتاب بن ورقاء الرياحي وقد طال عليه الحصار:

وانحط الزبير بن علي على أصفهان١؛ فحصر بها عتاب بن ورقاء الرياحي سبعة أشهر، وعتاب يحاربه في بعضهن؛ فلما طال به الحصار، وأصابه الجهد الشديد، دعا أصحابه؛ فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:

"أما بعد: أيها الناس ما نتظرون وقد أصابكم من الجهد ما قد ترون؟ فوالله إن٢ بقي مع هذا الحصار إلا أن يموت أحدكم على فراشه؛ فيجيء أخوه فيدفنه إن استطاع، وبالحري أن يضعف عن ذلك، ثم يموت هو، فلا يجد من يدفنه ولا يصلي عليه، فاتقوا الله؛ فوالله ما أنتم بالقليل الذين تهون شوكتهم على عدوهم، وإن فيكم لفرسان أهل المصر، وإنكم لصلحاء من أنتم منه، ولقد حاربتموه مرارًا فانتصفتم منهم اخرجوا بنا إلى هؤلاء القوم، وبكم حياة وقوة، قبل أن لا يستطيع رجل منكم أن يمشي إلى عدوه من الجهد، وقبل أن لا يستطيع رجل أن يمتنع من امرأة لو جاءته؛ فقاتل رجل عن نفسه وصبر وصدق، فوالله إني لأرجو إن صدقتموهم أن يظفركم الله بهم، وأن يظهركم عليهم.

فلما أصبح الغد صلى بهم الصبح، ثم خرج إلى الخوارج، وهم غارُّون؛ فلم يشعروا بهم حتى غشوهم، فقاتلوهم بجد لم ير الخوارج منهم مثله، فعقروا منهم خلقًا، وقتلوا رئيسهم الزبير بن علي، وانهزمت الخوارج.

ثم أدار الخوارج بينهم، فولوا عليهم قطري بن الفجاءة المازني وبايعوه

"تاريخ الطبري ٧: ١٦٦، والكامل للمبرد ٢: ٢٠٢، وشرح ابن أبي الحديد م١: ص٣٩١"


١ أصبهان: بفتح الهمزة والباء، وقد تكسر همزتها، وقد تبدل باؤها فاء.
٢ إن هنا نافية.

<<  <  ج: ص:  >  >>