للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٥- خطبة أبي مسلم الخراساني:

وروى ابن أبي الحديد قال: وخطب أبو مسلم بالمدينة في السنة التي حج فيها في خلافة السفاح١، فقال:

"الحمد لله الذي حمد نفسه، واختار الإسلام دينًا لعباده، ثم أوحى إلى محمد رسول الله صلى الله عليه وآله من ذلك ما أوحى، واختاره من خلقه، نفسه من أنفسهم، وبيته من بيوتهم، ثم أنزل عليه في كتابه الناطق الذي حفظه بعلمه، وأشهد ملائكته على حقه، قوله: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} ، ثم جعل الحق بعد محمد صلى الله عليه وآله في أهل بيته، فصبر من صبر منهم بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله على اللأواء٢ والشدة، وأغضى على الاستبداد والأثرة، ثم إن قومًا من أهل بيت الرسول صلى الله عليه وآله، جاهدوا على ملة نبيه وسنته بعد عصر من الزمان، من عمل بطاعة الشيطان، وعداوة الرحمن، بين ظهراني قوم آثروا العاجل على الآجل، والفاني على الباقي، إن رتق جور فتقوه، أو فتق حق رتقوه، أهل خمور وماخور، وطنابير٣ ومزامير، إن ذكروا لم يذكروا، أو قدموا إلى الحق أدبروا وجعلوا الصدقات، في الشبهات، والمغانم في المحارم، والفيء في الغي، هكذا كان زمانهم، وبه كان يعمل سلطانهم، وزعموا أن غير آل محمد أولى بالأمر منهم، فلم وبم أيها الناس؟ ألكم الفضل بالصحابة، دون القرابة، الشركاء


١ وذلك في سنة ١٣٦هـ.
٢ الشدة.
٣ الطنابير: جمع طنبور كعصفور، وهو الذي يلعب به.

<<  <  ج: ص:  >  >>