للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨٦- وصية عبد الملك بن صالح لابنه:

أوصى عبد المللك بن صالح ابنا له فقال:

"أي بني احْلُم، فإن من حَلُم ساد، ومن تفهَّم ازداد، والقَ أهل الخير فإن لقاءهم عمارةٌ للقلوب، ولا تَجْمَح بك مَطِيَّة اللِّجَاجِ، وفيك من أعتبك١، والصاحب المناسب لك، والصبر على المكروه يعصم القلب، المُِزاح يورث الضغائن، وحسن التدبير مع الكَفاف خيرٌ من الكثير مع الإسراف، والاقتصاد يُثَمِّر٢ القليل، والإسراف يُبِير٣ الكثير، ونِعْمَ الحظ القناعة، وشر ما صحِب المرء الحسد، وما كل عَوْرَة تصاب، وربما أبصر العميُّ رُشْدَه، وأخطأ البصير قَصْدَه، واليأس خير من الطلب إلى الناس، والعفَّة مع الحرفة٤ خير من الغنى مع الفجور، ارْفُق في الطلب وأَجْمِل في المكسب، فإنه رب طلب، قد جرَّ إلى حَرَب٥، ليس كل طالب بمُنْجِح٦، ولا كل مُلِحٍّ بمحتاج، والمغبون من غُبِنَ نصيبه من الله، عاتب من رجوت عتباه، وفاكِهْ من أمنت بلواه، لا تكن مِضْحَاكًا من غير عجب، ولا مَشَّاء إلى غير أَرَب، ومن نأى عن الحق أضاق مذهبه، ومن اقتصر على حاله كان أنعم لباله، لا يكبُرَن عليك ظُلْمُ من ظلمك، فإنه إنما سعى في مضرته ونفعك، وعَوِّد نفسك السماح، وتخيَّر لها من كل خلق أحسنه، فإن الخير عادة، والشر لَجَاجة، والصُّدود آية المقت، والتعلل آية البخل، ومن الفقه كتمان السر، ولِقَاحُ المعرفة


١ أعتبه: أعطاه العتبى أي الرضا.
٢ ينمى ويكثر.
٣ يهلك.
٤ الحرمان.
٥ حربه حربًا كطلبه: سلب ماله.
٦ أنجح: صار ذا نجح.

<<  <  ج: ص:  >  >>