للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٣- خطبة الحر بن يزيد:

ولما زحف عمر بن سعد قال له الحرُّ بن يزيد: "أصلحك الله: مقاتلٌ أنت هذا الرجل؟ قال: "إي والله قتالا أيسره أن تسقط الرءوس، وتطيح الأيدي" قال: "أفما لكم في واحدة من الخصال التي عرض عليكم رضًا؟ " قال عمر: "أما والله لو كان الأمر إلي لفعلت، ولكن أميرك قد أبى ذلك".

ثم ضرب الحرُّ فرسه، ولحق بالحسين عليه السلام وانحاز إليه، واستقدم أمام أصحابه ثم قال: "أيها القوم: ألا تقبلون من حسين خصلة من هذه الخصال التي عرض عليكم، فيعافيكم الله من حربه وقتاله؟ قالوا: هذا الأمير عمر بن سعد فَكَلِّمْهُ، فَكَلَّمَهُ بمثل ما كَلَّمَهُ به من قبل، وبمثل ما كلم به أصحابه" فقال عمر: "قد حرصت لو وجدت إلى ذلك سبيلا فعلت".

فقال: "يأهل الكوفة: لأُمِّكم الهَبَل والعَبَر١ إذ دعوتموه، حتى إذا أتاكم أسلمتموه٢، وزعَمتُم أنكم قاتلُو أنفسِكُم دونه، ثم عدوتم عليه؛ لتقتلوه، أمسكتم بِنَفَسه، وأخذتُم بكظَمه٣، وأحطتم به من كل جانب، فمنعتموه التوجهَ في بلاد الله العريضة، حتى يأمنَ ويأمن أهل بيته، وأصبح في أيديكم كالأسير لا يملك لنفسه نفعًا، ولا يدفع ضرًّا، وحَلَّأْتُموه٤ ونساءهُ وَأُصَيْبِيتَه٥ وأصحابه عن ماء الفرات الجاري،


١ الهبل: الشكل، هبلته أمه: كفرح ثكلته وفقدته، والعبر والعبر "كسبب وقفل" سخنة في العين تبكيها، عبرت العين كفرح جرى دموعها، يقال لأمه الهبل، ولأمه العبر، والعبر: دعاء عليه.
٢ خذلتموه.
٣ الكظم: مخرج النفس.
٤ حلأه عن الماء تحليئا وتحلئة: طرده ومنعه.
٥ مصغر صبية على غير قياس.

<<  <  ج: ص:  >  >>