وانصرف معاذ إلى أبي عبيدة فأخبره بما قالوا، ثم أرسل الروم رسولًا من قبلهم إلى أبي عبيدة، فقال له: أنا أعرض عليكم أمرًا لكم فيه حظ إن قبلتموه: نحن نعطيكم دينارين دينارين وثوبًا ثوبا. ونعطيك أنت ألف دينار، ونعطي الأمير الذي فوقك –يعنون عمر- ألفي دينار، وتنصرفون عنا، وإن شئتم أعطيناكم أرض البلقاء ما والى أرضكم من سواد الأردن، وخرجتم من مدائننا وأرضنا وبلادنا، وكتبنا فيما بيننا وبينكم كتابًا يستوثق فيه بعضنا من بعض بالأيمان المغلظة ليقومن به وليفين بما عاهد الله عليه.
فحمد الله أبو عبيدة وأثنى عليه بما هو أهله، وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال:
"إن الله بعث فينا رسولًا نبيا، وأنزل عليه كتابًا حكيمًا، وأمره أن يدعو الناس إلى عبادة ربهم رحمة منه للعالمين، وقال لهم: إن الله إله واحد، عزيز حكيم، علي مجيد، وهو خالق كل شيء وليس كمثله شيء، وأمرهم أن يوحدوا الله الذي لا إله إلا هو، ولا يتخذوا له صاحبة ولا ولدًا، ولا يتخذوا معه آلهة أخرى، وأن كل شيء يعبده الناس دونه فهو خلقه، وأمرنا صلى الله عليه وسلم فقال: إذا أتيتم المشركين فادعوهم إلى الإيمان بالله وبرسوله، وبالإقرار بما جاء من عند الله عز وجل، فمن آمن وصدق فهو أخوكم في دينكم، له ما لكم، وعليه ما عليكم، ومن أبى فاعرضوا عليه الجزية حتى يؤدوها عن يد وهم صاغرون، فإن أبوا أن يؤمنوا أو يؤدوا الجزية