للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطب الوعظية والوصايا]

٤٥٥- خطبة سحبان بن زفر الوائلي ١ "توفي سنة ٥٤هـ":

خطب فقال:

"إن الدنيا دار بلاغ، والآخرة دار قرار، أيها الناس: فخذوا من دار ممركم لدار مقركم، ولا تهتكوا أسراركم عند من لا تخفى عليه أسراركم، وأخرجوا من الدنيا قلوبكم، قبل أن تخرج منها أبدانكم، ففيها حييتم ولغيرها خلقتم، إن الرجل إذا هلك، قال الناس: ما ترك؟ وقالت الملائكة ما قدم لله؟ قدموا بعضا يكون لكم، ولا تخلفوا كلا يكون عليكم".

"سرح العيون ص٩٥"


١ هو سحبان بن زفر الوائلي، وقد ضرب به المثل في الفصاحة والبيان، فقيل: "أخطب من سحبان وائل" ومع ذلك لم يؤثر عنه إلا هذه الخطبة الموجزة، على أنها تعزى إلى الإمام علي -انظر نهج البلاغة ١/ ٢٦٠- وذكر المبرد في الكامل عن الأصمعي أن أعرابيا خطبها بالبادية -تهذيب الكامل ١: ٢٨- وكذا ذكر أبو علي القالي -في الأمالي ١: ٢٥٨ –وابن عبد ربه -في العقد الفريد ٢: ١٦٤- وأبو الفضل الميداني -في مجمع الأمثال ١: ٣١٨، وابن قتيبة في عيون الأخبار م٢: ص٢٥٣- والحصري -في زهر الآداب ٢: ٤- قال ابن أبي الحديد: "وأكثر الناس على أن هذا الكلام لأمير المؤمنين علي عليه السلام، ويجوز أن يكون الأعرابي حفظه، فأورده كما يورد الناس كلام غيرهم"- م٣: ص٢.
وقد روى ابن نباتة في سرح العيون أنه قدم على معاوية وفد من خراسان؛ فيهم سعيد بن عثمان بن عفان، فطلب سحبان فلم يوجد في منزله، فاقتضب من ناحية اقتضابا، وأدخل عليه، فتكلم منذ صلاة الظهر إلى أن قامت صلاة العصر، ما تنحنح، ولا سعل، ولا توقف، ولا ابتدأ في معنى، فخرج منه، وقد بقي عليه منه شيء، فما زالت تلك حاله حتى أشار معاوية بيده؛ فأشار إليه سبحان أن لا تقطع كلامي، فقال معاوية: الصلاة، قال: هي أمامك: نحن في صلاة وتحميد، ووعد ووعيد، فقال معاوية: أنت أخطب العرب، فقال سحبان: "والعجم والجن والإنس" ا. هـ، ولعل هذه الإطالة هي التي عاقت الرواة عن حفظ ما يقول.

<<  <  ج: ص:  >  >>