ولما كتب محمد بن الحنفية رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إلى المختار يعلمه بما ناله هو ومن معه من ابن الزبير من سجنهم وتوعدهم بالقتل والتحريق بالنار إن لم يبايعوا له١ نادى المختار في الناس، وقرأ عليهم الكتاب، وقال:
١ وذلك أن محمد بن الحنفية كان قد أبى أن يبايع ابن الزبير إذ كره البيعة لمن لم تجتمع عليه الأمة -وكان ابن الزبير يبغضه ويحسده على أيده وقوته- فحبسه مع أربعة عشر رجلا من بني هاشم في سجن عارم وقال: لتباعين أو لأحرقنكم، وأعطى الله عهدًا إن لم يبايعوا أن ينفذ فيهم ما توعدهم به، وضرب لهم في ذلك أجلا، فكتب ابن الحنفية إلى المختار مستصرخًا، فوجه إليه جماعة من أصحابه، وكانوا يسيرون الليل ويكنون النهار، حتى انتهوا إلى مكة، وقد أعد ابن الزبير الحطب ليحرقهم، وكان قد بقي من الأجل يومان. فكسروا سجن عارم واستخرجوا منه ابن الحنفية ومن معه، وقالوا له: خل بيننا وبين عدو الله ابن الزبير، فقال لهم: إني لا أستحل القتال في حرم الله، وخرج هو وأصحابه إلى شعب علي.