ولما بلغ عبيد الله بن زياد أمير الكوفة إقبال الحسين بعث الحصين بن نمير التميمي، فأمره أن ينزل القادسية، وأن يضع المسالح١، وقدَّم الحرَّ بن يزيدٍ التميمي بين يديه، في ألف فارس من القادسية، فيستقبل حسينًا، وكان الحسين قد سبقه إلى ذي حسم ونزل به، فسار إليه الحُرُّ حتى وقف هو وخيله مقابله في حر الظهيرة، وحضرت صلاة الظهر؛ فخرج الحسين، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
"أيها الناس: إنها معذرة إلى الله عز وجل وإليكم، إني لم آتكم حتى أتتني كتبكم، وقدمت عليَّ رُسُلُكُم: أنِ اقْدَمْ علينا؛ فإنه ليس لنا إمام، لعل الله يجمعنا بك على الهدى، فإن كنتم على ذلك، فقد جئتكم، فإن تعطوني ما أطمئن إليه من عهودكم ومواثيقكم أقدم مصركم، وإن لم تفعلوا وأنتم لمقدمي كارهين، انصرفت عنكم إلى المكان الذي أقبلت منه إليكم" فسكتوا عنه، ثم أقيمت الصلاة. فقال الحسين للحُرِّ: أتريد أن تصلي بأصحابك؟ قال: لا بل تصلي أنت، ونصلي بصلاتك، فصلى بهم الحسين.
١ المسالح: جمع مسلحة بالفتح، وهي القوم ذوو السلاح.