ولما حكم أبو موسى الأشعري أتاه الأحنف بن قيس، فقال له:
"يا أبا موسى، إن هذا مسير له ما بعده، من عز الدنيا أو ذلها آخر الدهر، ادع القوم إلى طاعة علي، فإن أبوا فادعهم أن يختار أهل الشأم من قريش العراق من أحبوا، ويختار أهل العراق من قريش الشأم من أحبوا، وإياك إذا لقيت ابن العاص أن تصافحه بنية، وأن يقعدك على صدر المجلس فإنها خديعة، وأن يضمك وإياه بيت، فيكمن لك فيه الرجال، ودعه فليتكم، لتكون عليه بالخيار، فالبادئ مستغلق١، والمجيب ناطق".
فما عمل أبو موسى إلا بخلاف ما قال الأحنف، وأشار به، فكان من الأمر ما كان، فلقيه الأحنف بعد ذلك، فقال له:"أدخل والله قدميك في خف واحدة".
" نهاية الأرب ٧: ٢٣٩، الإمامة والسياسة ١: ٩٩، وشرح ابن أبي الحديد م ١: ص ١٩٦".
١ أصله من قولهم: استغلقني في بيعه: لم يجعل لي خيارًا في رده: أي أن البادئ ليس له الخيار في رد ما قال.