للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٥٢- خطبة أخرى:

روى الطبري قال:

لما كان يوم الثلاثاء صبيحة سبع عشرة من جمادى الأولى سنة ٧٣هـ وقد أخذ الحجاج على ابن الزبير بالأبواب، صلى بأصحابه الفجر، ثم قام فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:

"يا آل الزبير: لو طبتم لي نفسًا عن أنفسكم، كنا أهل بيت من العرب اصطلمنا١ في الله، لم تصبنا زبَّاءُ بتةً٢، أما بعد يا آل الزبير: فلا يرعكم وقع السيوف، فإني لم أحضر موطنًا قط إلا ارْتُثِثْتُ٣فيه من القتل، وما أجد من دواء جراحها أشد مما أجد من ألم وقعها، صونوا سيوفكم كما تصونون وجوهكم؛ لا أعلم امرأ كسر سيفه، واستبقى نفسه، فإن الرجل إذا ذهب سلاحه فهو كالمرأة أعزل، غضوا أبصاركم عن البارقة٤، وليشغلْ كل امرئ قرنه، ولا يلهينكم السؤال عني، ولا تقولن: أين عبد الله بن الزبير؟ ألا من كان سائلا عني فإني في الرعيل٥ الأول:

أبى لابن سلمى أنه غير خالد ... ملاقي المنايا أي صرف تيمما


١ أي استؤصلنا.
٢ الزباء من الدواهي: الشديدة، ويقال: لا أفعله ألبتة وبتة، لكل أمر لا رجعة فيه.
٣ ارتثثت "مبنيا للمجهول" حمل من المعركة رثيثً أي جريحا وبه رمق.
٤ البارقة: السيوف.
٥ الرعيل: القطعة من الخيل القليلة، أو مقدمتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>