للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٧- وصية لسان الدين بن الخطيب لأولاده:

"الحمد لله الذي لا يَرُوعه الحمام المَرْقُوب، إذا شمَ١ نجمه المثقوب، ولا يبْغَتُه الأجل المكتوب، ولا يفْجَؤُه الفراق المعتوب، مُلْهِم الهُدَى الذي تطمئن به القلوب وموضِّح السبيل المطلوب، وجاعل النصيحة الصريحة من قِسْم الوجوب، لا سيما للواليِّ المحبوب، والولد المنسوب، القائل في الكتاب المُعْجِز الأُسْلُوب: {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ ٢} ، {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ ٣} ، والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد رسوله، أكرم من زُرَّتْ على نوره جُيُوب الغيوب، وأشرف من خُلِعَت عليه حُلَل المهابة والعصمة، فلا تقتحمه العيون، ولا تصمِهُ العيوب٤، والرضا عن آله وأصحابه المثابرين على لسان٥ الاستقامة بالهَوَى المغلوب، والأمل المسلوب، والاقتداء الموصِّل إلى المرغوب، والعز والأمن من الُّلغُوب٦، وبعد: فإني لما علاني المَشِيب بقمَّته٧، وقادني الكبر بِرُمَّته٨، وادَّكَرْتُ الشباب


١ من شام البرق: نظر إليه أين يقصد، وأين يمطر.
٢ وتمام الآية الكريمة:
{إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} .
٣ وتمام الآية الكريمة: {إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ، وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} .
٤ تزدريه وتحتقره، ووصمه: عابه.
٥ اللسان: الرسالة.
٦ اللغوب: أشد الإعياء.
٧ الغمة: أعلى كل شيء.
٨ الرمة بالضم ويكسر: قطعة من حبل.

<<  <  ج: ص:  >  >>