للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٦٩- وفود بكارة الهلالية على معاوية:

استأذنت بكارة الهلالية على معاوية بن أبي سفيان، فأذن لها وهو يومئذ بالمدينة، فدخلت عليه، كانت امرأة قد أسنت، وعشي١ بصرها، وضعفت قوتها، ترعش بين خادمين لها، فسلمت وجلست فرد عليها معاوية السلام، وقال: كيف أنت ياخالة؟ فقالت: بخير يا أمير المؤمنين، قال: غيرك الدهر، قالت: كذلك هو ذو غير٢، من عاش كبر، ومن مات قبر، قال عمرو بن العاص: هي والله القائلة يا أمير المؤمنين:

يا زيدُ دونك فاحتقر من دارنا ... سيفًا حسامًا في التراب دفينا

قد كنت أذخره ليوم كريهة ... فاليوم أبرزه الزمان مصونًا

قال مروان: وهي والله القائلة يا أمير المؤمنين:

أترى ابن هند للخلافة مالكًا! ... هيهاتَ، ذاك -وإن أراد- بعيدُ

مَنَّتْكَ نفسُك في الخلاء ضلالة ... أغراك عمرو للشقا وسعيد

قال سعيد بن العاص هي والله القائلة:

قد كنت أطمع أن أموت ولا أرى ... فوق المنابر من أمية خاطبا

فالله أخر مدتي فتطاولت ... حتى رأيت من الزمان عجائبا

في كل يوم للزمان خطيبهم ... بين الجميع لآل أحمد عائبا

ثم سكت القوم؛ فقالت بكارة: نبحتني كلابُك يا أمير المؤمنين واعتورتني، فقصُر محجني٣، وكثر عجبي، وعشي بصري، وأنا والله قائلة ما قالوا، لا أدفع ذلك بتكذيب، وما خفي عليك مني أكثر، فامض لشأنك، فلا خير في العيش بعد


١ ضعف.
٢ ذو أحداث.
٣ تناولني وتداولتني، والمحجن: العصا المعطوفة الرأس.

<<  <  ج: ص:  >  >>