وقام على المنبر بواسط، فحمد الله، وصلى على نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم قال:
"أيها الناس، نافسوا في المكارم، وسارعوا إلى المغانم، واشتروا الحمد بالجود، ولا تكسبوا بالمطل ذمًّا، ولا تعتدّوا بالمعروف ما لم تعجلوه، ومهما يكن لأحد منكم عند أحد نعمة فلم يبلغ شكرها؛ فالله أحسن لها جزاء، وأجزل عليها عطاء. واعلموا أن حوائج الناس إليكم، نعمة من الله عليكم، فلا تملوا النعم فتحولوها نقمًا.
واعلموا أن أفضل المال ما أكسب أجرًا، وأورث ذكرًا، ولو رأيتم المعروف رجلًا رأيتموه حسنًا جميلًا يسرُّ الناظرين، ولو رأيتم البخل رجلًا رأيتموه مشوهًا قبيحًا تنفر عنه القلوب، وتغضي عنه الأبصار.
أيها الناس، إن أجود الناس من أعطى من لا يرجوه، وأعظم الناس عفوًا من عفا عن قدرة، وأوصل الناس من وصل من قطعه، ومن لم يطِبْ حرثُه، لم يزكُ١ نبتُه، والأصول عن مغارسها تنمو، وبأصولها تسمو. أقول قولي هذا وأستغفرُ اللهَ لي ولكم".