للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١١- إحدى ملكات اليمن وخاطبوها.

وذكروا أن ملكة كانت بسبأ١؛ فأتاها قوم يخطبونها؛ فقالت: ليصف كل رجل منكم نفسه، وليصدق وليوجز، لأتقدم إن تقدم، أو أدع إن تركت، على علم؛ فتلكم رجل منهم يقال له مدرك؛ فقال: "إن أبي كان في العز الباذخ٢، والحسب الشامخ، وأنا شرس الخليفة، وغير رعديد٣ عند الحقيقة" قالت: لاعتاب على الجندل فأرسلتها مثلًا٤، ثم تكلم آخر منهم ويقال له ضبيس بن شرس؛ فقال: "أنا في مال أثيث٥، وخلق غير خبيث، وحسب غير عثيث٦، أخذو النعل بالنعل، وأجزى القرض٧ بالقرض" فقالت: لا يسرك غائبًا من لا يسرك شاهدًا، فأرسلتها مثلًا. ثم تكلم آخر منهم، يقال له شماس بن عباس فقال: "أنا شماس بن عباس، معروف بالندى والباس، حسن الخلق في سجية، والعدل في قضية، مالي غير محظور على القل والكثر، وبابي غير محجوب على العسر اليسر، قالت: الخير متبع والشر محذور؛ فأرسلتها مثلًا. ثم قالت: اسمع يا مدرك، وأنت يا ضبيس، لن يستقيم معكما معاشرة لعشير حتى يكون فيكما لين عريكة٨، وأما أنت يا شماس؛ فقد حللت مني محل الأهزع٩ من الكنانة، والواسطة١٠من القلادة، لدماثة١١ خلقك، وكرم طباعك، ثم اسع بجد أودع، فأرسلتها مثلًا، وتزوجت شماسًا.

"مجمع الأمثال ٢: ١١٨".


١ سبأ: بلدة باليمن.
٢ العالي.
٣ الرعديد: الجبان.
٤ قال الميداني: "يضرب في الأمر إذا وقع لا مرد له، قاله أبو عمرو".
٥ كثير: عظيم.
٦ لم أجد في كتب اللغة وصفًا من مادة عث على فعيل؛ وإنما الذي فيها "رجل عث بفتح العين أي ضئيل الجسم" وسياق الفواصل يرجح أن الوصف الذي هنا فعيل، وأرى أن معناه مشين معيب من عثت العثة الصوف إذا أكلته فهو عثيت بمعنى معثوث.
٧ القرض: القطع.
٨ العريكة: الطبيعة، ورجل العريكة: أي سلس الخلق.
٩ الأهزع آخر سهم في الكنانة رديئًا كان أو جيدًا أو هو أفضل سهامها؛ لأنه يدخر لشدة أو هو أردؤها، والمراد هنا الثاني.
١٠ واسطة العقد: الجوهرة الفاخرة التي تجعل وسطه.
١١ الدماثة: السهولة.

<<  <  ج: ص:  >  >>