للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢١٨- خالد بن عبد الله بن أسيد ١ وعبد الملك بن مروان:

جلس يومًا عبد الملك بن مروان، وعند رأسه خالد بن عبد الله بن أسيد، وعند رجليه أمية بن عبد الله بن أسيد، وأدخلت عليه الأموال التي جاءت من قبل الحجاج حتى وضعت بين يديه فقال:

"هذا والله التوفير، وهذه الأمانة، لا ما فعل هذا، "وأشار إلى خالد" استعملته على العراق، فاستعمل كل مُلِطٍّ٢ فاسق، فأدوا إليه العشرة واحدًا، وأدى إلي من العشرة واحدًا، واستعملت هذا على خراسان "وأشار إلى أمية٣" فأهدى إلي بِرْذَوْنَيْنِ حَطِمَيْنِ٤، فإن استعملتكم ضيعتم، وإن عزلتكم قلتم: استخف بنا، وقطع أرحامنا".

فقال خالد بن عبد الله: "استعملتني على العراق، وأهله رجلان: سامع مطيع مناصح، وعدو مبغض مكاشح٥، فأما السامع المطيع المناصح فإنا جزيناه، ليزداد ودا إلى وده؛ وأما المبغض المكاشح، فإنا داريناه ضغنه، وسللنا حقده، وكثرنا لك المودة في صدور رعيتك، وإن هذا جبى الأموال، وزرع لك البغضاء في قلوب الرجال، فيوشك أن تنبت البغضاء فلا أموال ولا رجال".

فلما خرج ابن الأشعث قال عبد الملك: "هذا والله ما قال خالد".

"العقد الفريد ٢: ١١٧".


١ هو خالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، وقد ولاه عبد الملك بن مروان بعد قتل مصعب بن الزبير على البصرة وأعمالها سنة ٧١هـ، وعزله عنها سنة ٧٤، وولاها أخاه بشر بن مروان، وكان على ولاية الكوفة، فصارت ولايتها وولاية الكوفة إليه.
٢ لط حقه وألطه: جحده.
٣ هو أمية بن عبد الله أخو خالد هذا، ولاه عبد الملك على خراسان، حتى كانت سنة ٧٨ فعزله، وجمع سلطانه الحجاج، فبعث المهلب بن أبي صفرة إليها.
٤ فرس حطم ككتف: إذا هزل وأسن، فضعف، وتهدم.
٥ الكاشح: الذي يضمر لك العدواة، كشح له بالعداوة وكاشحه بمعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>