٣٤٥- خطبة الحسن البصري يثبط الناس عن يزيد بن المهلب:
وكان مروان بن المهلب وهو بالبصرة، يحث الناس على حرب أهل الشام، ويسرحهم إلى يزيد، وكان الحسن البصري يثبط الناس عنه، وكان يقول في تلك الأيام:
"أيها الناس: الزموا رحالكم، وكفوا أيديكم، واتقوا الله مولاكم، ولا يقتل بعضكم بعضًا على دنيا زائلة، وطمع فيها يسير، ليس لأهلها بباق، وليس الله عنهم فيما اكتسبوا براض، إنه لم يكن فتنة إلا كان أكثر أهلها الخطباء والشعراء والسفهاء، وأهل التيه والخيلاء، وليس يسلم منها إلى المجهول الخفي، والمعروف التقي؛ فمن كان منكم خفيًّا فليلزم الحقَّ، وليحبس نفسه عما يتنازع الناس فيه من الدنيا، فكفاه والله بمعرفة الله إياه بالخير شرفًا، وكفى له به من الدنيا خلفًا؛ ومن كان منكم معروفًا شريفًا، فترك ما يتنافس فيه نظراؤه من الدنيا -إرادة الله بذلك- فواهًا لهذا، ما أسعدَه وأرشدَه، وأعظمَ أجرَه، وأهدَى سبيلَه! فهذا غدًّا -يعني يوم القيامة- القرير عينًا، الكريم عند الله مآبًا".