للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٧٠- وفود أروى بنت الحارث بن عبد المطلب على معاوية:

دخلت أروى بنت الحارث بن عبد المطلب على معاوية وهي عجوز كبير؛ فلما رآها معاوية قال: مرحبًا بك وأهلًا يا عمة، فكيف كنتِ بعدنا؟ فقالت: "يابن أخي، لقد كفرتَ يد النعمة، وأسأتَ لابن عمِك الصحبة، وتسميت بغير اسمك، وأخذت غير حقك من غير بلاء كان منك ولا من آبائك، ولا سابقة في الإسلام، ولقد كفرتم بما جاء به محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فأتعس الله منكم الجدود١، وأضرع٢ منكم الخدود، ورد الحق إلى أهله، ولو كره المشركون، وكانت كلمتنا هي العليا، ونبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو المنصور؛ فوليتم علينا من بعده -وتحتجون بقرابتكم من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أقرب إليه منكم، وأولى بهذا الأمر- فكنا فيكم بمنزلة بني إسرائيل في آل فرعون، وكان علي بن أبي طالب رحمه الله بعد نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمنزلة هارون من موسى٣؛ فغايتنا الجنة، وغايتكم النار".

فقال لها عمرو بن العاص: كفى أيتها العجوز الضالّة، وأقصري من قولك، وغضي


١ جمع جد: وهو الحظ.
٢ أذل، وفي بلاغات النساء "وأصعر".
٣ ورواية بلاغات النساء: "فكنا أهل البيت أعظم الناس في الدين حظًّا، ونصيبًا وقدرًا، حتى قبض الله نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مغفورًا ذنبه، مرفوعًا درجته، شريفًا عند الله مرضيًّا، فصرنا أهل البيت منكم بمنزلة قوم موسى من آل فرعون، يذبحون أبناءهم، ويستحيون نساءهم، وصار ابن عم سيد المرسلين فيكم بعد نبينا بمنزلة هرون من موسى حيث يقول: {ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي} ولم يجمع بعد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شملٌ، ولم يسهل لنا وعرٌ".

<<  <  ج: ص:  >  >>