للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦٩- أعرابي يصف مطرا:

عن الأصمعي قال: سألت أعرابيًّا عن مطر صابَهم بعد جَدْب فقال:

"ارتاح لنا ربك بعد ما استولى علىّ الظنون، وخامر القلب القُنُوط، فأنشأ بِنَوْء الجَبْهَة١ قَزَعَةً كالفَرْضِ من قِبَل العين، فاحْزَأَلَّت عند ترجُّل النهار، لإِزْمِيم السِّرار٢؛ حتى إذا نهضت في الأفق طالعة، أمر مسخِّرها الجنوب فتَنَسَّمَت لها، فانتشرت أحضانها، واحْمَوْمَت أركَانُها، وبَسَقَ عنانها٣ واكْفَهَرَّت رحاها، وانبعجت كُلَاها، وذَمَرَت أُخْرَاها أولاها، ثم استطارت عَقَائِقُها، وتَقَعْقَعَت صواعقها، ثم ارْثَعَنَّتْ٤ جوانبها، وتداعت سواكبها، ودَرَّت حوالبها فكانت الأرض طَبقًا٥، سَحَّ فَهَضَبَ، وعَمَّ فأحْسَبَ، فَعَلَّ القِيعَان، وضَحْضَحَ الغِيطان، وجَوَّخ الأضواج٦، وأترع الشراج، فالحمد لله الذي جعل كِفَاءَ إساءتنا إحسانًا، وجزاءً ظلمنا غُفْرَانًا".

"بلوغ الأرب ٣: ٢٥٣".


١ الجبهة: منزل للقمر، قزعة: قطعة من السحاب والفرض: الترس، والعين: القبلة، ترجل النهار: ارتفع.
٢ الإزميم: ليلة من ليالي المحاق -والمحاق مثلثة: ثالث ليال من آخر الشهر- والسرار: آخر ليلة من الشهر، وأحضانها جمع حضن كحمل: وهو جانب الشيء وناحيته، واحمومت: اسودت.
٣ بسق: ارتفع، والعنان: السحاب، رحاها؛ وسطها، وانبعجت؛ انشقت، والكلية من السحاب: أسفله -ومن المزادة رقعة مستديرة تخرز عليها تحت العروة- وذمرت: حضت، والتذامر: التحاض على القتال، وعقائقها بروقها المشبهة للعقائق.
٤ ارثعن المطر: ثبت وجاد.
٥ غيث طبق: عام واسع يطبق الأرض، وهضب كضرب:
٦ جوخ السيل الوادي: إذا كسر جنبتيه واقتلع أجرافه، وفي الأصل "خوخ" وهو تصحيف والأضواج جمع ضوج كشمس: وهو منعطف الوادي، والشراج جمع شرج كشمس أيضًا: وهو مسيل الماء من الحرة "بفتح الحاء" إلى السهل.

<<  <  ج: ص:  >  >>