للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٨٩- وفود كعب الأشقري على الحجاج:

أوفد المهلب بن أبي صفرة كعب بن معدان الأشقري -ومعه مرة بن تليد الأزدي- إلى الحجاج بعد هزيمة الأزارقة، وقتل أميرهم عبد ربه الصغير؛ فلما دخلا عليه بدر كعب فأنشده قصيدته التي مطلعها:

يا حفص إني عداني عنكم السفر. ... وقد سرت فآذى عيني السهر

فقال له الحجاج أشاعر أم خطيب؟ قال: كلاهما، ثم أقبل عليه، فقال له:

أخبرني عن بني المهلب، قال: "المغيرة فارسهم وسيدهم، نار ذاكية١، وصعدة٢ عالية، وكفى بيزيد فارسًا شجاعًا، ليث غاب، وبحر جم عباب، وجوادهم وسخيهم قبيصة، ليث المغار٣،وحامي الذمار، ولا يستحيي الشجاع أن يفر من مدرك؛ فكيف لا يفر من الموت الحاضر، والأسد الخادر؟ وعبد الملك سم ناقع، وسيف قاطع، وحبيب الموت الزعاف، إنما هو طود شامخ، وفخر باذخ٤، وأبو عيينة البطل الهمام، والسيف الحسام، وكفاك بالمفضل نجدة، ليث هدار، وبحر موار٥، ومحمد ليث غاب، وحسام ضراب، قال: فكيف كانوا فيكم؟ قال: كانوا حماة السرح نهارًا، فإذا أَلْيَلُوا٦ ففرسان البيات، قال: فأيهم كان أنجد؟ قال: كانوا كالحلقة المفرغة: لا يُدرى أين طرفها، قال: فكيف كان لكم المهلب وكنتم له؟ قال: كان لنا منه شفقة الوالد، وله منا برُّ الولد، قال: فكيف جماعة الناس؟ قال: على أحسن حال، أدركوا ما رجوا، وأمنوا مما خافوا، وأرضاهم العدل، وأغناهم النفل٧، قال: فكيف كنتم أنتم وعدوكم؟ قال: كنا إذا أخذنا عَفَوْنا، وإذا أخذُوا يئسنا منهم،


١ ذكت النار: اشتد لهبها.
٢ الصعدة: القناة المستوية تنبت كذلك.
٣ أغار على العدو إغارة ومغارًا.
٤ الطود: الجبل، وباذخ: عالٍ.
٥ مار: ماج واضطرب.
٦ أليلوا وألالوا: دخلوا في الليل.
٧ الغنيمة والهبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>