للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٥- خطبة أكثم بن صيفي يدعو قومه إلى الإسلام:

لما ظهر النبي عليه الصلاة والسلام بمكة، ودعا الناس إلى الإسلام بعث أكثم بن صيفي ابنه حبيشًا؛ فأتاه بخبره، فجمع بني تميم وقام فيهم خطيبًا فقال:

"يا بني تميم: لا تحضروني سفيهًا؛ فإنه من يسمع يخل١، إن السفيه يوهن من فوقه، ويتبب من دونه٢. لا خير فيمن لا عقل له. كبرت سني ودخلتني ذلة؛ فإذا رأيتم مني حسنًا فاقبلوه، وإن رأيتم مني غير ذلك فقوموني أستقم. إن ابني شافه هذا الرجل مشافهةً، وأتاني بخبره، وكتابه يأمر فيه بالمعروف، وينهى عن المنكر، ويأخذ فيه بمحاسن الأخلاق، ويدعو إلى توحيد الله تعالى، وخلع الأوثان، وترك الحلف بالنيران، وقد عرف ذوو الرأى منكم أن الفضل فيما يدعو إليه، وأن الرأي ترك


١ خال: ظن، ومضارعه إخال بالكسر وهو الأفصح، وبنو أسد يقولون أخال بالفتح وهو القياس، وقوله "من يسمع يخل" مثل، معناه من يسمع أخبار الناس ومعايبهم يقع في نفسه عليهم المكروه.
٢ في مجمع الأمثال "ويثبت من دونه" من أثبته: أي أثخنه بالجراح، والمعنى يضعف ويوهن، ومنه قوله تعالى: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ} [لأنفال: ٣٠] .
ليثبتوك: أي ليجرحوك جراحة لا تقوم معها أو ليحبسوك، وفي سرح العيون "ويتبب من دونه" من تببه بالتشديد: أي أهلكه، ومنه قوله تعالى: {وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ} [هود: ١٠١] .

<<  <  ج: ص:  >  >>