للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨٢- خطبة محمد بن الحنفية يرد على عبد الله بن الزبير وقد تنقص الإمام:

خطب ابن الزبير، فنال من الإمام علي كرم الله وجهه، فبلغ ذلك ابنه محمد ابن الحنفية رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فأقبل حتى وضع له كرسي قدامه، فعلاه وقال:

"يا معشر قريش، شاهت الوجوه١، أينتقص علي وأنتم حضور؟ إن عَلِيًّا كان سهمًا صادقًا، أحد مرامي الله على أعدائه، يقتلهم لكفرهم، ويهوعهم٢ مآكلهم، فثقل عليهم، فرموه بصرفة الأباطيل٣، وإنا معشر له على نهج٤ من أمره بنو الحسبة٥ من الأنصار، فإن تكن لنا الأيام دولة ننثر عظامهم، ونحسر٦


دليلا على صدق دعواه، وإن لم يوافق قال قد بدا لربكم، وقد تبرأ ابن الحنفية منه حين وصل إليه أنه قد لبَّس على الناس بأنه من دعاته، ورجاله، وتبرأ من الضلالات التي ابتدعها من التأويلات الفاسدة، والمخاريق المموهة، فمن مخاريقه أنه كان عنده كرسي قديم قد غشاه بالديباج وزينه بأنواع الزينة وقال: هذا من ذخائر أمير المؤمنين علي عليه السلام، وهو عندنا بمنزلة التابوت لبني إسرائيل، فكان إذا حارب خصومه يضعه في براح الصف، ويقول: قاتلوا ولكم الظفر والنصرة، وهذا الكرسي محله فيكم محل التابوت في بني إسرائيل وفيه السكينة والبقية، والملائكة من فوقكم ينزلون مددًا لكم أخذًا من قوله تعالى: {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} ويقال: إنه اشتراه بدرهمين من نجار، انظر قصته في تاريخ الطبري "٧: ١٤٠".
١ شاه وجهه: قبح.
٢ هوعه ما أكل: قيأه إياه.
٣ مؤنث صرف، والصرف: الخالص من كل شيء، وهو من إضافة الصفة إلى الموصوف، والأباطيل: جمع أبطولة بضم الهمزة أو إبطالة بكسرها أو هو جمع باطل على غير قياس.
٤ النهج: الطريق الواضح.
٥ الحسبة: الاحتساب "طلب الأجر" في الأعمال الصالحات، وعند المكروهات هو البدار إلى طلب الأجر وتحصيله بالتسليم والصبر، أو باستعمال أنواع البر والقيام بها على الوجه المرسوم فيها طلبًا للثواب المرجو بها.
٦ حسره كنصر وضرب: كشفه.

<<  <  ج: ص:  >  >>