للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠٠- دعاء أعرابي:

وسمع أعرابي بعرفات عَشَيَّة عرفة وهو يقول:

"اللهم إن هذه عشية من عشايا محبَّتِك، وأحد أيام زُلْفَتِك١، يأمُل فيها من لَجَأَ إليك من خلقك أن لا يُشْرَك بك شيئًا، بكل لسان فيها يُدْعَى، ولكل خير فيها يُرْجَى، أتتك العُصَاة من البلد السَّحِيق٢، ودعتك العُنَاة٣ من شُعَب المَضِيق، رجاء ما لا خُلْفَ له من وعدك، ولا انقطاع له من جزيل عطائك، أبدت لك وجوهها المَصُونة، صابرة على وَهَجِ السَّمَائِم٤، وبَرْد الليالي، ترجو بذلك رضوانك، يا غفار، يا مُسْتَزَادًا من نعمه، ومُسْتَعَاذًا من نِقَمِه، ارْحَمْ صوتَ حزين دعاك بزفير وشهيق".

ثم بسط كلتا يديه إلى السماء وقال: "اللهم إن كنت بسطتُ يدي إليك داعيًا


١ الزلفة: القربة.
٢ البعيد.
٣ العناة جمع عان من عنا: أي ذل وخضع، وفي رواية الأمالي: "أتتك الضوامر من الفج العميق، وجابت إليك المهارق من شعب المضيق" والضوامر الإبل المهزولة، والمهارق جمع مهرق "بضم الميم وفتح الراء": الصحراء الملساء.
٤ السمائم جمع سموم كصبور: وهي الريح الحارة تكون غالبًا بالنهار، وفي رواية الأمالي: "على لفح السمائم، وبرد ليل التمائم" -وليل التمام "ككتاب" وليل تمامي: أطول ليالي الشتاء- وفي رواية الأمالي: "نعمتك تظاهرها على عند القفلة، فكيف أيأس منها عند الرجعة" -وأصل الغفل "بالتحريك": والرجوع من السفر: ويطلق على الابتداء في السفر كما هنا تفاؤلا بالرجوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>