ولما أراد خالد بن سعيد بن العاص أن يغدو سائرًا إلى الشأم، لبس سلاحه، وأمر إخوته فلبسوا أسلحتهم، عمرًا والحكم وأبان، وغلمته ومواليه، ثم أقبل إلى أبي بكر رضي الله عنه بعد صلاة الغداة وصلى معه؛ فلما انصرفوا قام إليه هو وإخوته، فجلسوا إليه فحمد الله خالد وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال:
"يا أبا بكر، إن الله أكرمنا وإياك والمسلمين طرًّا بهذا الدين، فأحق من أقام السنة، وأمات البدعة، وعدل في السيرة، الوالي على الرعية، وكل امرئ من أهل هذا الدين محقوق بالإحسان، ومعدلة الوالي أعم نفعًا، فاتق الله يا أبا بكر فيمن ولاك الله أمره، وارحم الأرملة واليتيم، وأعن الضعيف المظلوم، ولا يكن رجل من المسلمين إذا وضيت عنه آثر عندك في الحق منه إذا سخطت عليه، ولا تغضب. ما قدرت على ذلك؛ فإن الغضب يجر الجور. ولا تحقد على مسلم وأنت تسطيع، فإن حقدك على المسلم يجعلك له عدوًا، وإن اطلع على ذلك منك عاداك؛ فإذا عادى الوالي الرعية، وعادت الرعية الوالي، كان ذلك قمنًا أن يكون إلى هلاكهم داعيًا، وكن لينًا للمحسن، واشدد على المريب، ولا تأخذك في الله لومة لائم".