للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦٠ شق أنمار ١ يعبر رؤيا ربيعة بن نصر أيضًا:

ثم قدم عليه شق، فقال له كقوله لسطيح، وكتمه ما قال سطيح، لينظر أيتفقان أم يختلفان، قال: "نعم، رأيت حممة، خرجت من ظلمة؛ فوقعت بين روضة وأكمة فأكلت منها كل ذات نسمة"؛ فلما سمع الملك ذلك قال: ما أخطأت يا شق منها شيئًا، فما عندك في تأويلها؟ قال: "أحلف بما يبن الحرتين من إنسان، لينزلن أرضكم السودان؛ فليغلبن على كل طفلة٢ البنان. وليملكن ما بين أبين إلى نجران٣" فقال له الملك: وأبيك يا شق، إن هذا لنا لغائط موجع؛ فمتى هو كائن، أفي زماني أم بعده؟ قال: "لا، بعده بزمان، ثم يستنقذكم منهم عظيم ذو شان، ويذيقهم أشد الهوان" قال: ومن هذا العظيم الشأن؟ قال: "غلام بدني ولا مدن٤، يخرج عليهم من بيت ذي يزن٥" قال أفيدون سلطانه أم ينقطع؟ قال: "بل ينقطع برسول


١ هو شق بن مصعب بن يشكر بن رهم بن أقزل بن قيس بن عبقر بن أنمار بن نزار، وزعموا أنه كان شق إنسان "أي نصفه" له يد وحدة ورجل واحدة وعين واحدة.
٢ مؤنث طفل: وهو الرخص الناعم من شيء.
٣ مخلاف شمالي اليمن.
٤ الدني: مسهل عن دنيء، والمدني: المقصر عما ينبغي له أن يفعله، وفي ابن الأثير "مزن" بالزاى والمزن: المتهم، من أزنته بكذا أي اتهمته به.
٥ وخبر ذلك أن زرعة بن كعب الملقب بذي نواس أحد ملوك التباعية باليمن "وكان قد تهود وتعصب لليهودية وحمل عليها قبائل اليمن" اضطهد نصارى نجران؛ لأن يهوديًّا بنجران عدا أهلها على ابنين له فقتلوهما ظلمًا؛ فتوسل إلى ذي نواس باليهودية، واسنتصره عليهم؛ فحمي له ولدينه وغزاهم، ويقال إن رجلًا من أهل نجران أفلت من القتل، وسار إلى قيصر الروم يستنجده على ذي نواس؛ فبعث قيصر إلى نجاشي الحبشة يأمره بنصرة النصارى؛ فجهز جيشًا إلى اليمن، فركبوا البحر إليها، ولقيهم ذو نواس فيمن معه فدارت الدائرة عليه، وملكت الحبشة اليمن، ولما طال البلاء من الحبشة على أهلها خرج سيف بن ذي يزن الحميري وقدم على قيصر يوستنيان يستنجده على الحبشة فأبى، وقال: الحبشة على دين النصارى؛ فرجع إلى كسرى أنوشروان واستعانه، فأمده بجيش ممن كانوا في سجونه، فقاتلوا الأحباش وهزموهم؛ فرجع إلى كسرى عرش آبائه على فريضة يؤديها كل عام للفرس حتى قتل؛ فأرسل كسرى عاملًا على اليمن واستمرت عماله إلى أن كان آخرهم بإذان فأسلم، وصارت اليمن إلى الإسلام في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>