للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٣- ضمرة بن ضمرة عند النعمان بن المنذر:

قيل إن رجلًا من بني تميم يقال له ضمرة بن ضمرة، كان يغير على مسالح١ النعمان بن المنذر، حتى إذا عيل صبر النعمان، كتب إليه أن ادخل في طاعتي، ولك مائة من الإبل؛ فقبلها وأتاه؛ فلما نظر إليه ازدراه -وكان ضمرة دميمًا- فقال: تسمع بالمعيدي لا أن تراه٢. فقال ضمرة: مهلًا أيها الملك. إن الرجال لا يكالون بالصيعان٣. وإنما المرء بأصغريه قلبه ولسانه. إن قاتل بجنان. وإن نطق نطق ببيان. قال: صدقت لله درك هل لك علم بالأمور والولوج فيها؟ قال: والله إني لأبرم منها المسحول٤. وأنقض منها المفتول. وأحيلها حتى تحول، ثم أنظر إلى مايئول. وليس للأمور بصاحب. من لا ينظر في العواقب. قال: صدقت، لله درك! فأخبرني: ما العجز الظاهر، والفقر الحاضر، والداء العياء٥، والسوءة السوءاء؟

قال ضمرة:

"أما العجز الظاهر؛ فالشاب القليل الحيلة. اللزوم للحليلة. الذي يحوم حولها. ويسمع قولها؛ فإن غضبت ترضاها. وإن رضيت تفداها. وأما الفقر الحاضر؛ فالمرء لا تشبع نفسه. وإن كان من ذهب خلسه٦. وأما الداء العياء: فجار السوء، إن كان فوقك قهرك، وإن كان دونك همزك٧. وإن أعطيته كفرك، وإن منعته شتمك؛ فإن كان ذلك جارك، فأخل له دارك، وعجل منه فرارك، وإلا فأقم بذل


١ مسالح جمع مسلحة بالفتح وهي الثغر.
٢ وفي رواية "تسمع بالمعيدي خير من أن تراه" وهو مثل يضرب لمن خبره خير من مرآه، والمعيار تصغير المعدي نسبة إلى معد وهو حي، خففت الدال استثقالًا للتشديد مع ياء التصغير، وقيل منسوب إلى معيد وهو اسم قبيلة.
٣ الصيعان جمع صاع وهو مكيال يكال به، ومعياره الذي لا يختلف أربع حفنات يكفي الرجل الذي ليس بعظيم الكفين ولا صغيرهما. وحرر بعض المحققين أن الصاع المصري قد حان وثلث.
٤ سحل الثوب: لم يبرم غزله.
٥ داء عياه: لا يبرأ منه.
٦ الحلس كساء يجعل على ظهر البعير تحت رحله.
٧ الهمز: الغمز.

<<  <  ج: ص:  >  >>