ولما انصرف مروان بن الحكم من مصر إلى الشام استعمل عبد العزيز ابنه على مصر، وقال له حين ودعه:
"أرسل حكيمًا ولا توصه، أي بني انظر إلى عمالك فإن كان لهم عندك حقٌّ غدوةً فلا تؤخره إلى عشية، وأعطهم حقوقهم عند محلها، تستوجب بذلك الطاعة منهم، وإياك أن يظهر لرعيتك منك كذب، فإنهم إن ظهر لهم منك كذب لم يصدقوك في الحق، واستشر جلساءك وأهل العلم، فإن لم يستبن لك فاكتب إلي يأتك رأيي فيه إن شاء الله تعالى، وإن كان بك غضب على أحد من رعيتك، فلا تؤاخذه به عند سورة الغضب، واحبس عنه عقوبتك حتى يسكن غضبك، ثم يكون منك ما يكون وأنت ساكن الغضب منطفئ الجمرة، فإن أول من جعل السجن كان حليمًا ذا أناة، ثم انظر إلى أهل الحسب والدين والمروءة، فليكونوا أصحابك وجلساءك، ثم اعرف منازلهم منك على غيرهم، على غير استرسال ولا انقباض، أقول هذا وأستخلف الله عليك".