للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٧٠- مقال الحسن حين رأى دار الحجاج التي بناها بواسط:

وروي أن الحجاج بنى دارًا بواسط١، وأحضر الحسن ليراها، فلما دخلها قال: "الحمد لله: إن الملوك ليرون لأنفسهم عزا، وإنا لنرى فيهم كل يوم عبرا، يعمد أحدهم إلى قصر فيشيده، وإلى فرش فينجده٢، وإلى ملابس ومراكب فيحسنها، ثم يحف به ذباب طمع، وفراش نار، وأصحاب سوء، فيقول: انظروا ما صنعت! فقد رأينا أيها المغرور، فكان ماذا يا أفسق الفاسقين؟ أما أهل السموات فقد مقتوك، وأما أهل الأرض فقد لعنوك، بنيت دار الفناء، وخربت دار البقاء، وغُرِرْتَ في دار الغرور، لتذل في دار الحبور، ثم خرج وهو يقول: إن الله سبحانه أخذ عهده على العلماء، لَيُبَيِّنُنَّه للناس ولا يكتمونه".

وبلغ الحجاج ما قال، فاشتد غضبه، وجمع أهل الشام، فقال: يا أهل الشام أيشتمني عبد من عبيد أهل البصرة وأنتم حضور فلا تنكرون! ثم أمر بإحضاره فجاء وهو يحرك شفتيه بما لم يسمع، حتى دخل على الحجاج، فقال: يا أبا سعيد، أما كان لإمارتي عليك حق، حين قلت ما قلت؟ فقال: يرحمك الله أيها الأمير، إن من خوفك حتى


١ واسط: مدينة بالعراق من الجنوب بين دجلة والفرات، بناها الحجاج ومات بها.
٢ التنجيد: التزيين، والنجاد: الذي يعالج الفرش والوسائد ويخيطها.

<<  <  ج: ص:  >  >>