"يا خليفة رسول الله، إنها الروم وبنو الأصفر، حد حديد، وركن شديد، والله ما أرى أن تقحم الخيل عليهم إقحامًا، ولكن تبعث الخيل، فتغير في أداني أرضهم، ثم تبعثها فتغير، ثم ترجع إليك، ثم تبعثها فتغير، ثم ترجع إليك؛ فإذا فعلوا ذلك مرارًا أضروا بعدوهم، وغنموا من أداني أرضهم، فقووا بذلك على قتالهم، ثم تبعث إلى أقاصى أهل اليمن، وإلى أقاصي ربيعة ومضر فتجمعهم إليك جميعًا. فإن شئت عند ذلك غزوتهم بنفسك، وإن شئت بعثت على غزوهم غيرك".
ثم جلس وسكت وسكت الناس.
قال لهم أبو بكر ما ترون؟ رحمكم الله؛ فقام عثمان بن عفان رضوان الله عليه. فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال:
"رأيي أنك ناصح لأهل هذا الدين، عليهم شفيق. فإذا رأيت رأيًا علمته لهم رشدًا وصلاحا وخيرًا، فاعزم على إمضائه، فإنك غير ظنين ولا متهم عليهم".
فقال طلحة والزبير وسعد وأبو عبيدة بن الجراح وسعيد بن زيد وجميع من حضر ذلك المجلس من المهاجرين والأنصار:
"صدق عثمان فيما قال، ما رأيت من رأي فأمض؛ فإنا سامعون لك مطيعون، لا نخالف أمرك، ولا نتهم رأيك، ولا نتخلف عن دعوتك وإجابتك".