للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠٩- مقال ابن عباس:

"يا عمرو إنك بعت دينك من معاوية، وأعطيته ما بيدك، ومناك ما بيد غيره، فكان الذي أخذ منك أكثر من الذي أعطاك، والذي أخذت منه دون الذي أعطيته، وكل راضٍ بما أخذ وأعطى١، فلا صارت مصر في يدك كدرها عليك بالعزل والتنغيص٢، حتى لو كانت نفسك في يدك ألقيتها إليه، وذكرت يومك مع أبي موسى،


١ وذلك أن عمرًا لما لحق بمعاوية بعد أن بلغه مقتل عثمان سأله معاوية أن يتبعه، قال عمرو: فاكتب لي مصر وكورها طعمة، فكتب له، وقال عمرو في ذلك:
معاوي لا أعطيك ديني ولم أنل ... به منك دنيا فانظرن كيف تصنع
فإن تعطني مصرًا فأربح صفقة ... أخذت بها شيخًا يضر وينفع
ثم إنه بعثه سنة ٣٨ في جيش لغزو مصر، وكان عليها محمد بن أبي بكر من قبل الإمام علي فهزمه وقتله، وصارت مصر في حوزة معاوية فولاه عليها أميرًا.
٢ روى ابن سعد في كتاب الطبقات الكبير "ج٤: ص٥" قال:
"لما صار الأمر في يدي معاوية استكثر طعمة مصر لعمرو ما عاش، ورأى عمرو أن الأمر كله قد صلح به وبتدبيره وعنائه وسعيه فيه، وظن أن معاوية سيزيده الشأم مع مصر، فلم يفعل معاوية، فتنكر عمرو لمعاوية فاختلفا وتغالظا. وتميز الناس، وظنوا أنه لا يجتمع أمرهما، فدخل بينهما معاوية بن حديج وأصلح أمرهما، وكتب بينهما كتابًا، وشرط فيه شروطًا لمعاوية، وعمرو خاصة، وللناس عليه، وأن لعمرو ولاية مصر سبع سنين، وعلى أن على عمرو السمع والطاعة لمعاوية، وتواثقا وتعاهدا على ذلك، وأشهدا عليهما به شهودًا، ثم مضى عمرو بن العاص على مصر واليًا عليها، وذلك في آخر سنة تسع وثلاثين، فوالله ما مكث بها إلا سنتين أو ثلاثًا حتى مات".

<<  <  ج: ص:  >  >>