واجتمع عند المنصور أيام خلافته جماعة من ولد أبيه. منهم عيسى بن موسى والعباس بن محمد وغيرهما. فتذاكروا خلفاء بني أمية. والسبب الذي به سلبوا عزهم.
فقال المنصور:
"كان عبد الملك جبارًا لا يبالي ما صنع. وكان الوليد لحانًا مجنونًا. وكان سليمان همته بطنه وفرجه. وكان عمر أعور بين عميان. وكان هشام رجل القوم. ولم يزل بنو أمية ضابطين لما مهد لهم من السلطان، يحوطونه ويصونونه ويحفظونه. ويحرسون ما وهب الله لهم منه، مع تسنمهم معالي الأمور، ورفضهم أدانيها، حتى أفضى أمرهم إلى أحداث مترفين من أبنائهم، فغمطوا١ النعمة، ولم يشكروا العافية، وأساءوا الرعاية. فابتدأت النقمة منهم، باستدراج الله إياهم، آمنين مكره، مطرحين صيانة الخلافة، مستخفين بحق الرياسة، ضعيفين عن رسوم السياسة، فسلبهم الله العزة، وألبسهم الذلة، وأزال عنهم النعمة". "شرح ابن أبي الحديد م١: ص٢١٥".