للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٨٧- خطبته لما أصيب بولده محمد وأخيه محمد في يوم واحد:

قال صاحب العقد: فلما كان غداة الجمعة مات محمد بن الحجاج؛ فلما كان بالعشي أتاه بريد من اليمن بوفاة محمدٍ أخيه، ففرح أهل العراق، وقالوا: انقطع ظهر الحجاج وهيض١ جناحه، فخرج فصعد المنبر، ثم خطب الناس، فقال:

"أيها الناس: محمدانِ في يوم واحد! أما والله ما كنت أحب أنهما معي في الحياة الدنيا، لما أرجو من ثواب الله لهما في الآخرة، وايم الله ليوشكن الباقي مني ومنكم أن يفنى، والجديد أن يبلى، والحيّ مني ومنكم أن يموت، وأن تدال٢ الأرضُ منا كما أدلنا منها؛ فتأكل من لحومنا، وتشرب من دمائنا، كما مشينا على ظهرها، وأكلنا من ثمارها، وشربنا من مائها، ثم نكون كما قال الله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ} ٣ ثم تمثل بهذين البيتين:


١ هاض العظم: كسره بعد الجبور.
٢ أدال الله منه: نصره عليه.
٣ الصور: القرن يُنفخ فيه، وقيل إنه تمثيل لانبعاث الموتى بانبعاث الجيش إذا نفخ في البوق، وقيل هو جمع صورة مثل بسرة وبسر، والبسر بالضم: التمر قبل إرطابه" أي نفخ في صور الموتى الأرواح.
وقرأ الحسن: "يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّوَرِ". والأجداث جمع جدث كسيب وهو القبر، ونسل كضرب ونصر: أسرع.

<<  <  ج: ص:  >  >>