للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٠٤- مقام خالد بن صفوان بين يدي هشام:

قال خالد بن صفوان: وفدت على هشام فوجدته قد بدأ يشرب الدهن؛ وذلك في عام باكر وسميه، وتتابع وليه١، وأخذت الأرض زخرفها، فهي كالزرابي٢ المبثوثة، والقباطي٣ المنشوة، وثراها كالكافور، ولو وضعت به بضعة٤ لم تُترب٥، وقد ضربت له سرادقات حبر٦، بعث بها إليه يوسف بن عمر من اليمن، تتلألأ كالعقيان٧؛ فأرسل إلي، فدخلت عليه، ولم أنزل واقفًا، ثم نظر إلي كالمستنطق لي؛ فقلت: يا أمير المؤمنين، أتم الله عليك نعمه، ودفع عنك نقمه، وجعل ما قلدك من هذا الأمر رشدًا، وعاقبة ما يئول إليه حمدًا، وأخلصه لك بالتقى، وكثرة لك بالنما ولا كدر عليك منه ما صفا، ولا خالط سروره بالردى؛ فلقد أصبحت للمؤمنين ثقة ومستراحًا، إليك يقصدون في مظالمه، ويفزعون في أمورهم، هذا مقام زين الله به ذكري، وأطاب به بشري٨، إذ أراني وجه أمير المؤمنين، ولا أرى لمقامي هذا شيئًا هو أفضل من أن أنبه أمير المؤمنين لفضل نعمة الله عليه، ليحمد الله على ما أعطاه،


١ الوسمي: مطر الربيع الأول، سمي بذلك لأنه يسمُ الأرض، والولي: المطر بعد الوسمي
٢ جمع زربى بالكسر ويضم: النمارق والبسط، أو كل ما بسط واتكئ عليه "والنمارق: الوسائد الصغيرة".
٣ قباطي بضم الأول مع تشديد الآخر، وقباطي بفتح الأول مع تخفيف الآخر جمع قبطية بالضم على غير قياس، وقد تكسر: ثياب كتان بيض رقاق كانت تعمل في مصر.
٤ البضعة وقد تكسر: القطعة من اللحم.
٥ أتربه وتربه: جعل عليه التراب.
٦ حبر جمع حبرة كعتبة: ضرب من برود اليمن.
٧ العقيان: الذهب.
٨ النشر: الرائحة الطيبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>