روى الطبري قال:"لما بايع أهل الشورى عثمان خرج وهو أشدهم كآبة، فأتى منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخطب الناس، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، وقال:
"إنكم في دار قُلْعَة١، وفي بقية أعمار، فبادروا آجالكم بخير ما تقدرون عليه، فلقد أتيتم، صُبِّحتم أو مُسِّيتم، ألا وإن الدنيا طويت على الغرور، فلا تغرنكم الحياة الدنيا، ولا يغرنكم بالله الغرور، اعتبروا بمن مضى ثم جدوا ولا تغفلوا، فإنه لا يغفل عنكم، أين أبناء الدنيا وإخوانها الذين آثروها وعمروها، ومتعوا بها طويلًا، ألم تلفظهم؟ أرموا بالدنيا حيث رمى الله بها، واطلبوا الآخرة فإن الله قد ضرب لها مثلًا، والذي هو خير، فقال عز وجل:{وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً، الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً} وأقبل الناس يبايعونه".
"تاريخ الطبري ٥: ٤٣".
١ أي انقلاع، ومنزلنا منزل قلعة "بتسكين اللام وضمها وفتحها" أي ليس بمستوطن، أو لا نملكه، أو لا ندري متى نتحول عنه.