للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١١٣- خطبته يوم الجمعة

الحمد لله مستخلص الحمد لنفسه، ومستوجبِه على خَلْقه، أحمد هـ وأستعينه، وأومن به، وأتوكل عليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، وأوصيكم عباد لله بتقوى الله وحده، والعمل لما عنده، والتنجُّز لوعده، والخوف لوعيده، فإنه لا يَسْلَم إلا من اتقاه ورجاه، وعمل له وأرضاه، فاتقوا الله عباد الله، وبادروا آجالكم بأعمالكم، وابتاعوا ما يبقى بما يزول عنكم، وترحلوا فقد جُدَّ بكم، واستعدُّوا للموت فقد أظلَّكم، وكونوا قوما صِيح بهم فانتبهوا، وعلموا أن الدنيا ليست لهم بدار فاستبدلوا، فإن الله لم يخلقكم عبثا، ولم يترككم سدى، وما بين أحدكم وبين الجنة والنار إلا الموت أن ينزل به، وإن غاية تنقصها اللحظة، وتهدمها الساعة الواحدة، لجديرة بقصر المدة، وإن غائبًا يحدوه١ الجديدان: الليل والنهار لَحَرِىٌّ بسرعة الأوْبة، وإن قادما يُحِلُّ بالفوز أو بالشِّقوة لمستحقٌ لأفضل العُدَّة، فاتقى عبد ربه، ونصح نفسه، وقدَّم توبته، وغلب شهوته، فإن أجله مستور عنه، وأمله خادع له، والشيطان موكل به، يزيِّن له المعصية ليركبها، ويمنِّيه التوبة ليسوِّفها، حتى تهجُم عليه منيته، أغفل ما يكون عنها، فيا لها حسرة على ذي غفلة، أن يكون عمره عليه حجة، أو تؤدِّيَه أيامه إلى شِقوة، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممن لا تُبطرُه نعمة، ولا تقصِّر به عن طاعته غفلة، ولا تحلّ به بعد الموت فَزْعة، إنه سميع الدعاء، وبيده الخير، وإنه فعَّال لما يريد".

"عيون الأخبار م٢: ص٢٥٣، والعقد الفريد ٢: ١٤٨".


١ يسوقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>