للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٤٢- خطبة سعيد بن قيس:

وقام سعيد بن قيس يخطب أصحابه بقناصرين١، فقال:

"الحمد لله الذي هدانا لدينه، وأورثنا كتابه، وامتن علينا بنبيه، فجعله رحمة للعالمين، وسيد المرسلين، وقائد المؤمنين، وختامًا للنبيين، وحجة الله العظيم، على الماضين والغابرين، ثم كان مما قضى الله وقدره -وله الحمد على ما أحببنا وكرهنا- أن ضمنا وعدونا بقناصرين، فلا يجمل بنا اليوم الحياص٢، وليس هذا بأوان انصراف، ولات حين مناص٣، وقد خصنا الله بمنه برحمة لا نستطيع أداء شكرها، ولا نقدر٤ قدرها، إن أصحاب محمد صلى الله عليه وآله المصطفين الأخيار معنا وفي حيزنا، فوالله


١ قال صاحب اللسان والقاموس: قناصرين موضع بالشأم، ولم يذكره ياقوت في معجمه.
٢ حاص عنه يحيص حيصا ومحيصا ومحاصا عدل وحاد، والحياص والمحايصة: مفاعلة من الحيص أي العدول والهرب. قال صاحب اللسان: وفي حديث مطرف "بتشديد الراء المكسورة" أنه خرج من الطاعون فقيل له في ذلك، فقال: "هو الموت نحايصه ولا بد منه" "قال أبو عبيد معناه: نروغ عنه" وليس بين العبد والموت مفاعلة، وإنما المعنى أن الرجل في فرط حرصه على الفرار من الموت كأنه يباريه ويغالبه، فأخرجه على المفاعلة لكونها موضوعة لإفادة المباراة والمغالبة بالفعل، كقوله تعالى: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} فيئول معنى نحايصه إلى قولك نحرص على الفرار منه أهـ".
٣ النوص والمناص: التأخر والفرار، ناص عن قرنه ينوص: فر وراغ. أي وليس الوقت وقت تأخر وفرار.
٤ قدر الشيء قدره من التقدير وبابه ضرب ونصر: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} أي ما عظموه حق تعظيمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>