للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٦٧- خطبة الضحاك بن قيس الفهري بالكوفة "قتل سنة ٦٤هـ": ١

وخطب الضحاكُ بن قيس الفهري على منبر الكوفة – وقد كان بَلَغَه أن قومًا من أهلها يشتمون عثمان ويبرءون منه، فقال:

"بلغني أن رجالًا منكم ضُلالًا يشتمون أئمة الهدى، ويعيبون أسلافنا الصالحين، أما والذي ليس له نِدٌّ ولا شريكٌ، لئن لم تنتهوا عما يبلغني عنكم؛ لأضعن فيكم سيف زياد، ثم لا تجدونني ضعيف السورة٢، ولا كليل الشفرة٣، أما إني لصاحبكم الذي أغرت على بلادكم٤؛ فكنت أول من غزاها في الإسلام، وشرب من ماء الثعلبية


١ ولاه معاوية الكوفة سنة ٥٥ إلى سنة ٥٨ ثم جعله على شرطته، ولما مات معاوية الثاني بايعه أهل دمشق على أن يصلي بهم، ويقيم لهم أمرهم، حتى يجتمع أمر الأمة، وكان يهوى ابن الزبير، ويمنعه من إظهار ذلك أن بني أمية كانوا بحضرته، وكان يعمل في ذلك سرًّا، ثم نشبت الحرب بينه وبين مروان بن الحكم في مرج راهط، ودارت الدائرة على جيش الضحاك وقتل منتصف ذي الحجة سنة ٦٤هـ.
٢ سورة السلطان: سطوته واعتداؤه.
٣ الشفرة: حد السيف، وكليل: غير قاطع.
٤ وكان ذلك سنة ٣٩ هـ، دعاه معاوية، وقال: سِرْ حتى تمرَّ بناحية الكوفة، وترتفع عنها ما استطعت؛ فمن وجدته من الأعراب في طاعة علِيٍّ فأغر عليه، وإن وجدت له مسلحة أو خيلًا فأغر عليها؛ فسرحه فيما بين ثلاثة آلاف إلى أربعة آلاف؛ فأقبل الضحاك فنهب الأموال، وقتل من لقي من الأعراب ومر بالثعلبية؛ فأغار على مسالح عليٍّ وأخذ أمتعتهم، ومضى حتى انتهى إلى القطقطانة، فأتى عمرو بن عميس بن مسعود -وهو ابن أخي عبد الله بن مسعود- وكان في خيل لعليٍّ، وأمامه أهله، وهو يريد الحجّ؛ فقتله وقتل ناسًا من أصحابه، فلما بلغ ذلك عليًّا سرح حجر بن عدي الكندي في أربعة آلاف؛ فلم يزل مغذا في أثر الضحاك حتى لقيه بناحية تدمر فواقعه، فاقتتلوا ساعة، فقتل من أصحاب الضحاك تسعة عشر رجلًا، وقتل من أصحاب حجر رجلان، وحجز الليل بينهم؛ فهرب الضحاك وأصحابه؛ فلما أصبحوا لم يجدوا لهم أثرًا -شرح ابن أبي الحديد م١: ص١٥٤، وتاريخ الطبري ٦: ٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>