وخطب الأشعث بن قيس أصحابه من كندة ليلة الهرير بصفين فقال:
"الحمد لله أحمده وأستعينه، وأومن به، وأتوكل عليه، وأستنصره وأستغفره، وأستجيره، وأستهديه وأستشيره، وأستشهد به، فإنه من هداه الله فلا مضل له، ومن يضلل الله فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وآله ثم قال:
قد رأيتم يا معشر المسلمين ما قد كان في يومكم هذا الماضي، وما قد فني فيه من العرب، فوالله لقد بلغت من السن ما شاء الله أن أبلغ، فما رأيت مثل هذا اليوم قط، ألا فليبلغ الشاهد الغائب أنا نحن إن تواقفنا غدًا إنه لفنيت العرب، وضُيعت الحرمات، أما والله ما أقول هذه المقالة جزعًا من الحرب، ولكني رجل مسن أخاف على النساء والذراري غدًا إذا فنينا.
اللهم إنك تعلم أني قد نظرت لقومي ولأهل ديني فلم آل، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب، والرأي يخطئ ويصيب، وإذا قضى الله أمرًا أمضاه على ما أحب العباد أو كرهوا.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم".
فانطلقت عيون معاوية إليه بخطبة الأشعث فاغتنمها وبنى عليها تدبيره.