للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٢- خطبة أكثم بن صيفي:

فقام أكثم بن صيفي فقال:

"إن أفضل الأشياء أعاليها، وأعلى الرجال ملوكها، وأفضل الملوك أعمها نفعًا، وخير الأزمنة أخصبها، وأفضل الخطباء أصدقها، الصدق منجاة، والكذب مهواة، والشر لجاجة١، والحزم مركب صعب، والعجز مركب وطي، آفة الرأي الهوى، والعجز مفتاح الفقر، وخير الأمور الصبر، حسن الظن ورطة، وسوء الظن عصمة، إصلاح فساد الرعية خير من إصلاح فساد الراعي، من فسدت بطانته كان كالغاص بالماء، شر البلاد بلاد لا أمير بها، شر الملوك من خافه البريء، المرء يعجز٢ لا محالة٣، أفضل الأولاد البررة، خير الأعوان من لم يراء بالنصيحة، أحق الجنود بالنصر من حسنت سريرته، يكفيك من الزاد ما بلغك المحل، حسبك من شر سماعه، الصمت حكم٤ وقليل فاعله، البلاغة الإيجاز، من شدد نفر، ومن تراخى تألف".

فتعجب كسرى من أكثم، ثم قال: ويحك٥ يا أكثم ما أحكمك وأوثق كلامك! لولا وضعك كلامك في غير موضعه. قال أكثم: الصدق ينبئ عنك لا الوعيد. قال كسرى: لو لم يكن للعرب غيرك لكفى.

قال أكثم: رب قول أنفذ من صول.


١ أي أصله اللجاجة، وهي تماحك الخصمين وتماديهما.
٢ من بابي ضرب وسمع.
٣ المحالة: الحيلة.
٤ الحكم: الحكمة "وآتيناه الحكم صبيا".
٥ ويح: كلمة رحمة، "وويل: كلمة عذاب"، وقيل هما بمعنى واحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>