للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٠٧- خطبة الكميت بن زيد بين يدي هشام يستعطفه:

روى صاحب العقد قال:

كان الكميت بن زيد الأسدي يمدح بني هاشم ويعرض ببني أمية؛ فطلبه هشام، فهرب منه عشرين سنة١، لا يستقر به القرار، من خوف هشام، وكان مسلمة بن عبد الملك له على هشام حاجة في كل يوم يقضيها له، ولا يرده فيها؛ فلما خرج مسلمة يومًا إلى بعض صيوده، أتى الناس يسلمون عليه، وأتاه الكميت بن زيد فيمن أتى، فقال:

السلام عليك ورحمة الله وبركاته، أما بعد:

قف بالديار وقوف زائر ... وتأن إنك غير صاغر٢

حتى انتهى إلى قوله:

يا مسلم بن أبي الوليد ... لميتٍ إن شئت ناشر٣

علقت حبالي من حبا ... لك ذمة الجار المجاور

فالآن صرت إلى أمية، ... والأمور إلى المصاير

والآن كنت به المصيب ... كمهتد، بالأمس حائر

فقال مسلمة: سبحان الله! من هذا الهندكي٤ الجلحاب٥، الذي أقبل من أخريات الناس، فبدأ بالسلام، ثم أما بعد، ثم الشعر؟ قيل له: هذا الكميت بن زيد، فأعجب به لفصاحته وبلاغته، فسأله مسلمة عن خبره، وما كان فيه طول غيبته، فذكر له سخط أمير المؤمنين عليه، فضمن له مسلمة أمانه، وتوجه به حتى أدخله على هشام -وهشام لا يعرفه- فقال الكميت: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته،


١ يلاحظ أن مدة خلافة هشام كانت عشرين سنة من سنة ١٠٥-إلى سنة ١٢٥هـ.
٢ صاغر: ذليل.
٣ نشره وأنشره: أحياه.
٤ رجل هندكي: من أهل الهند، "وهو هنا على التشبيه".
٥ الجلحاب: الشيخ الكبير، والضخم الأجلح، "والأجلح: الذي انحسر الشعر عن جانبي رأسه".

<<  <  ج: ص:  >  >>