للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٦- خطبة سليمان بن صرد:

قال حميد بن مسلم: والله إني لشاهد بهذا اليوم يوم ولوا سليمان بن صرد١ وإنا يومئذ لأكثر من مائة رجل من فرسان الشيعة ووجوههم في داره، قال: فتكلم سليمان، فشدد، وما زال يردد ذلك القول في كل جمعة حتى حفظته، بدأ فقال:

"أثنى على الله خيرًا، وأحمد آلاءه وبلاءه، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، أما بعد: فإني والله لخائف ألا يكون أخَّرَنا إلى هذا الدهر، الذي نكدت فيه المعيشة، وعظُمت فيه الرزية، وشمل فيه الجور أولي الفضل من هذه الشيعة" لما هو خير، إنا كنا نمد أعناقنا إلى قدوم آل نبينا، ونمنيهم النصر، ونحثهم على القدوم؛ فلما قدموا وَنَيْنَا وعجزنا وأَدْهَنَّا وتربصنا وانتظرنا ما يكون حتى قُتِلَ فينا ولدينا وَلَدُ نَبِيِّنا وسُلَالَته وَعُصَارته وَبَضْعَة٢ من لحمِهِ ودمِهِ، إذ جعل يستصرخ ويسأل النَّصَفَ٣ فلا يُعْطَاه، اتخذه الفاسقون غَرَضًا للنبل، ودربةً٤ للرماح، حتى أقصدوه٥ وعدوا عليه فسلبوه، ألا انهضوا فقد سخط ربكم، ولا ترجعوا إلى الحلائل٦ والأبناء حتى يرضى الله، والله ما أظنه راضيًا دون أن تناجزوا من قتله أو تُبِيرُوا٧، ألا لا تهابوا


١ وقد سمي أمير التوابين.
٢ البضعة بالفتح وقد تكسر: القطعة من اللحم.
٣ الإنصاف.
٤ مسهل عن دريئة، والدريئة: الحلقة يعلم الطعن والرمي عليها.
٥ أقصد السهم: أصاب فقتل مكانه، وأقصد فلانًا: طعنه فلم يخطئه.
٦ جمع حليلة: وهي الزوجة.
٧ بار يبور بوارًا: هلك. وأباره أهلكه، أي تهلكوا أنفسكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>