واجتمع بعد وقعة النهروان بالنخيلة جماعة من الخوارج، ممن فارق عبد الله بن وهب، وممن لجأ إلى راية أبي أيوب١، وممن كان أقام بالكوفة فقال: لا أقاتل عليًّا ولا أقاتل معه، فتواصوا فيما بينهم وتعاضدوا وتأسفوا على خذلانهم أصحابهم، فقام منهم قائم يقال له المستورد بن علفة من بني سعد بن زيد مناة، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على نبيه ثم قال: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتانا بالعدل تخفق راياته، معلنًا مقالته، مبلغًا عن ربه، ناصحًا لأمته، حتى قبضه الله مخيرًا مختارًا، ثم قام الصديق، فصدق عن نبيه، وقاتل من ارتد عن دين ربه، وذكر أن الله عز وجل قرن الصلاة بالزكاة، فرأى أن تعطيل إحداهما طعن على الأخرى، لا بل على جميع منازل الدين، ثم
١ وذلك أن الإمام قبل أن يزحف عليهم في وقعة النهروان نصب لهم راية أمان مع أبي أيوب الأنصاري، فناداهم أبو أيوب: "من جاء هذه الراية منكم ممن لم يقتل ولم يستعرض فهو آمن. ومن انصرف منكم إلى الكوفة أو إلى المدائن، وخرج من هذه الجماعة فهو آمن، إنه لا حاجة لنا بعد أن نصيب قتلة إخواننا منكم في سفك دمائكم".