ودخل عليه أبو حازم الأعرج، فقال: يا أبا حازم ما لنا نكره الموت؟ فقال: لأنكم عمرتم دنياكم، وأخربتم آخرتكم، فأنتم تكرهون النقلة من العمران إلى الخراب، قال: فأخبرني، كيف القدوم على الله؟ قال: أما المحسن؛ فكالغائب يأتي أهله مسرورًا؟ وأما المسيء فكالعبد الآبق١ يأتي مولاه محزونًا، قال: فأي الأعمال أفضل؟ قال: أداء الفرائض مع اجتناب المحارم، قال: فأي القول أعدل؟ قال: كلمة حق عند من تخاف وترجو، قال: فأي الناس أعقل، قال: من عمل بطاعة الله، قال: فأي الناس أجهل؟ قال: من باع آخرته بدنيا غيره، قال: عظني وأوجز، قال: يا أمير المؤمنين، نزه ربك، وعظمه أن يراك حيث نهاك، أو يفقد حيث أمرك؛ فبكى سليمان بكاء شديدًا، فقال له بعض جلسائه: أسرفت ويحك على أمير المؤمنين، فقال له أبو حازم: اسكت فإن الله عز وجل أخذ الميثاق على العلماء ليبيننه للناس ولا يكتمونه، ثم خرج فلما صار إلى منزله بعث إليه سليمان بمال، فرده وقال للرسول: قل له: والله يا أمير المؤمنين ما أرضاه لك، فكيف أرضاه لنفسي؟