خرج سنة مائة بالجزيرة شوذب الخارجي -واسمه بسطام من بني يشكر- فكتب إليه عمر بن عبد العزيز: بلغني أنك خرجت غضبًا لله ولرسوله، ولست أولى بذلك مني، فهلم إلي أناظرك، فإن كان الحق بأيدينا دخلت فيما دخل فيه الناس، وإن كان في يدك، نظرنا في أمرك، فكتب بسطام إلى عمر: قد أنصفت، وقد بعثت إليك رجلين يدارسانك ويناظرانك، وأرسل إلى عمر مولى لبني شيبان حبشيًّا اسمه عاصم، ورجلا من بني يشكر، فقدما على عمر بخناصرة، فأخبر بمكانهما، فقال: فتشوهما لا يكن معهما حديد وأدخلوهما، فلما دخلا قالا: السلام عليك، ثم جلسا، فقال لهما عمر: أخبراني ما الذي أخرجكم مخرجكم هذا؟ وما نقمتم علينا؟ فقال عاصم: ما نقمنا سيرتك، إنك لتتحرى العدل والإحسان، فأخبرنا عن قيامك بهذا الأمر، أعن رضا من الناس ومشورة، أم ابتززتم أمرهم؟ فقال عمر: ما سألتهم الولاية عليهم، ولا غلبتهم عليها، وعهد إلي رجل كان قبلي، فقمت ولم ينكره علي أحد، ولم يكرهه غيركم، وأنتم ترون الرضا بكل من عَدَلَ وأنصف، من كان من الناس، فاتركوني ذلك الرجل، فإن خالفت الحق ورغبت عنه فلا طاعة لي عليكم، فقالا: بيننا وبينك أمر، إن أنت أعطيتناه فنحن منك وأنت منا، وإن منعتناه فلست منا ولسنا منك، فقال عمر: وما هو؟ قالا: رأيناك خالفت أعمال أهل بيتك، وسميتها مظالم، وسلكت غير سبيلهم، فإن زعمت أنك على هدى وهم على ضلال، فالعنهم وتبرأ منهم، فهذا الذي يجمع بيننا وبينك أو يفرق، فتكلم عمر، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: