للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"إني قد علمت أنكم لم تخرجوا مخرجكم هذا لطلب دنيا ومتاعها، ولكنكم أردتم الآخرة، فأخطأتم سبيلها، إن الله عَزَّ وَجَلَّ لم يبعث رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعانًا وقال إبراهيم: {فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} وقال الله عَزَّ وَجَلَّ: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} ، وقد سميت أعمالهم ظلمًا، وكفى بذلك ذمًا ونقصًا، وليس لعن أهل الذنوب فريضة لا بد منها، فإن قلتم إنها فريضة فأخبرني متى لعنت فرعون؟ قال: ما أذكر متى لعنته. قال: أفيسعك أن لا تلعن فرعون وهو أخبث الخلق وشرهم، ولا يسعني أن لا ألعن أهل بيتي وهم مصلون صائمون؟ قال: أما هم كفار بظلمهم؟ قال: لا؛ لأنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعا الناس إلى الإيمان، فكان من أقرَّ به وبشرائعه قبل منه، فإن أحدَثَ حدثًا أُقِيمَ عليه الحد، فقال الخارجي: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعا الناس إلى توحيد الله والإقرار بما نزل من عنده. قال عمر: فليس أحد منهم يقول: لا أعمل بسنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولكن القوم أسرفوا على أنفسهم، على علم منهم أنه محرم عليهم، ولكن غلب عليهم الشقاء قال عاصم: فابرأ ممن خالف عملك، وردَّ أحكامهم، قال عمر: أخبراني عن أبي بكر وعمر: أليسا من أسلافكما وممن تتوليان، وتشهدان لهما بالنجاة؟ قالا: اللهم نعم. قال: فهل علمتما أن أبا بكر حين قُبِضَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فارتدت العربُ، قاتلَهُم فسَفَكَ الدماء، وأَخَذَ الأموالَ، وسبى الذراري؟ قالا: نعم. قال: فهل علمتم أن عمر قام بعد أبي بكر، فردَّ تلك السبايا إلى عشائرِها بفدية؟ قالا: نعم، قال: فهل بَرِئَ عمرُ من أبي بكر، أو تبرءون أنتم من أحدٍ منهما؟ قالا: لا. قال: فأخبراني عن أهل النهروان أليسوا من صالحي أسلافكم وممن تشهدون لهم بالنجاة؟ قالا: بلى، قال: فهل تعلمون أن أهل الكوفة حين خرجوا كفوا أيديهم فلم يسفكوا دمًا، ولم يخيفوا آمنًا، ولم يأخذوا مالا؟ قالا: نعم. قال: فهل علمتم أن أهل البصرة حين خرجوا مع مسعر بن فُدَيك، اسْتَعْرَضُوا الناسَ يَقْتُلُونهم، ولقوا عبد الله بن خبّاب

<<  <  ج: ص:  >  >>