للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن الأرتّ، صاحب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقتلوه، وقتلوا جاريته؟ ثم صَبَّحُوا حيًّا من أحياء العرب، فاستعرضوهم، فقتلوا الرجال والنساء والأطفال حتى جعلوا يلقون الصبيان في قدور الإقط١ وهي تفور؟ قالا: قد كان ذلك. قال: فهل ييرئ أهل البصرة من أهل الكوفة، وأهل الكوفة من أهل البصرة؟ قالا: لا. قال: فهل تبرءون أنتم من إحدى الطائفتين؟ قالا: لا. قال: أرأيتم الدين واحدًا أم اثنين؟ قالا: بل واحدًا. قال: فهل يسعكم فيه شيء يعجز عني؟ قالا: لا. قال: فكيف وسعكم أن توليتم أبا بكر وعمرو، وتولى أحدهما صاحبه، وتوليتم أهل البصرة وأهل الكوفة، وتولى بعضهم بعضًا، وقد اختلفوا في أعظم الأشياء، في الدماء والفروج والأموال، ولا يسعني فيما زعمتم إلا لعن أهل بيتي والتبرؤ منهم؟ ويحكم! إنكم قومٌ جهال، أردتم أمرًا، فأخطأتموه، فأنتم تردون على الناس ما قبل منهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويأمن عندكم من خاف عنده، ويخاف عندكم من أمن عنده. قالا: ما نحن كذلك. قال عمر: بل سوف تقرُّون بذلك الآن، هل تعلمون أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث إلى الناس وهم عبدة أوثان، فدعاهم إلى خلع الأوثان، وشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فمن فعل ذلك حقن دمه وأحرز ماله، ووجبت حرمته، وكانت له أسوة المسلمين؟ قالا: نعم. قال: أفلستم أنتم تلقَوْن من يخلع الأوثان، ويشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فتستحلون دمه وماله، وتلقَوْن من ترك ذلك وأباه من اليهود والنصارى وسائر الأديان، فيأمن عندكم، وتحرمون دمه؟ فقال اليشكري: أرأيت رجلا ولي قومًا وأموالهم، فعدل فيها، ثم صيرها بعده إلى رجل غير مأمون، أتراه أدى الحق الذي يلزمه لله عَزَّ وَجَلَّ؟ أو تراه قد سلم؟ قال عمر: لا. قال: أفتسلّم هذا الأمر إلى يزيد٢ من بعدك وأنت تعرف أنه لا يقوم فيه بالحق؟ قال: إنما ولاه غيري،


١ الأقط بفتح الهمزة وكسرها: شيء يتخذ من المخيض الغنمي.
٢ هو يزيد بن عبد الملك، وقد ولي الخلافة بعد عمر بن عبد العزيز "سنة ١٠١- سنة ١٠٥هـ".

<<  <  ج: ص:  >  >>